الإلحاد والفسق.
الوجه الثاني حول المحافظة على الجمال الأدائي قد تكرر منا - في هذه الوجيزة - الإشارة إلى نكتة أصلية منعطف إليها الكتاب العزيز، ومتوجه إليها في جميع الأحيان والأحوال، وهي المحافظة على زنة الآية وزينتها وكيفية صوتها ووقوفها في الأسماع ولذلك تكون الأسماع منها أكثر حظا وأوفر نصيبا، وإليه الإشارة بقوله تعالى: * (وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيمانا) * (1).
فبالجملة: مما لاحظه القرآن الإلهي في أدق نظر، وراعاه في أحسن وجه، هذه الخصيصة، ولأجل ذلك ولجهات اخر في طولها، ربما يحذف في محل ويذكر في آخر، مثلا ترى: أن في هذه الآيات حذفت حروف الربط والعطف، وليس عندي وجه أقوى من هذا النمط، ولا يصل إليه إلا من له التماس بعلم الروح ودقائق لطائفه، وبفن الموسيقى وخصائص معارفه، مع أن جميع القرآن مشتمل على التحفظ بهذه الخاصة التي بها يمتاز عن غيره، وبها يمكن جلب قلوب المعاندين وعواطف الملحدين والمخالفين.
فمثلا ترى: أنه كيف أتى بكلمة " مثل " في هذه الآية مرتين، وقال:
* (مثلهم كمثل الذي استوقد) * ولم يأت في الآية الآتية بمثلها، وقال: * (أو كصيب من السماء) *، وأنت إذا حذفت " المثل " من هذه الآية وزدتها على