الوسائط في الأفعال الإلهية، خلافا للأشعري، حيث تخيل: أن قانون العلية باطل، وأن الله تعالى جرت عادته على أن يجري الأمور بأسبابها، بمعنى أن الله يريد عقيب كل علة معلولها، من غير دخالة للعلة في ذلك (1)، وقد مر كرارا ما يدل من الآيات على فساد مقالتهم، وهذه الآية كالنص، فافهم واغتنم.
المسألة الخامسة حول تعدد إرادة الله اختلفوا في أن الله تعالى يريد الإرادات الكثيرة المتناهية أو الغير المتناهية، أو لا يريد إلا إرادة واحدة أزلية أبدية، فذهب جمهور المعتزلة إلى الأول وأبو البركات البغدادي إلى الثاني.
وأما المذهب الوسط الفصل والرأي الجزل: أن ذاتا واحدة ذات إرادة واحدة.
وبالجملة: هذه الآية الشريفة ظاهرة في تعدد الإرادة وتعاقبها حسب تعاقب الحوادث، حيث قال الله تعالى: * (أنزل من السماء ماء فأخرج به من الثمرات) *، فيكون بين الإرادات ترتب، فيكون الترتب دليلا على التعدد، وإلا فلا يعقل الترتب بين الأمر الواحد، ولا في الأمر الفارد، وأيضا قوله تعالى: * (الذي جعل لكم الأرض فراشا) * بعد قوله تعالى: * (ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم) *، فإنه أيضا ظاهر في التعدد والترتب بين