ولعمري إن إعجاز الإسلام الذي هي مهمتنا، ينكشف لأهل التفكر والتدبر ولأهل الوجدان والضمير من ملاحظات يسيرة، ملاحظة الكتاب وما يحتوي عليه، وملاحظة قصر زمان تحققه وتجمعه، وملاحظة كثرة ابتلاءات من أتى به وتحدى به - بحمد الله وله الشكر - فإن من ذلك يظهر أن الإسلام معجز جدا وحقيقة، ولا يكون إلا من عند القدير العليم، فيكون الإسلام دينا ودليلا. أما الأول فواضح، وأما الثاني فإنه دليل على الصانع الغائب الخبير البصير واللطيف القدير، وإلا فكيف يتمكن واحد من الآحاد من الإتيان بمثله.
وهناك ملاحظة رابعة وهي لحاظ تأريخ نبي الإسلام وحدود سيره ومشيه ومعاشرته ودراسته واطلاعه على الأمور الدينية السالفة والدنيوية العصرية، وملاحظة جغرافيا بلدته في تلك العصور البعيدة عن جميع المزايا والمثل.
فالإسلام معجز الملحدين القائلين بالدهرية والطبيعة، ومعجز الكافرين والطوائف الباطلة، من المجوس واليهود والنصارى، ومعجز خالد فيكون دليلا على فساد المقالات المتأخرة، الواضح انحطاطها من غير حاجة إلى تكلف واستدلال. وتفصيل هذه المسألة ربما يأتي من ذي قبل إن شاء الله تعالى.
الوجه الرابع اشتماله على القوانين الفردية والاجتماعية إن القرآن يشتمل على القوانين الموضوعة المحتاج إليها البشر في حياته الفردية والاجتماعية، ويحتاج إليها الإنسان في سياسته