السماء بناء فهو أيضا صحيح، لأن نفع هذه البناية يعود إليهم، لأجل أن الحركة الاعتدالية موقوفة على هذه الكرات المنتظمة. والله العالم بحقايق الأمور.
ويمكن أن يقال: المقصود بيان أن السماء - وهي جهة العلو التي تشتمل على الهواء المجاور للأرض - فإنها بناء وبناية ومبنية على أساس لولا الربط المعتبر الملحوظ، لما يستقر على الأرض أحد، لكونها متحركة، فلابد للمحافظة على سكانها من تبعية الهواء للأرض في التحرك، كما تحرر في محله. ويشهد لذلك: أن السماء الذي انزل منه الماء هو السماء الذي جعلها بناء، فيكون ما يقرب من الأرض.
الوجه السادس حول " من " في * (من السماء) * تكون كلمة " من " الأولى في قوله تعالى: * (من السماء) * للابتداء حسب النظر الأقوى، ففي ذلك بلاغة، لأن مبدأ المطر من السماء، فإن المراد من الماء هو ماء المطر، وما هو من السماء، وهو المطر، وما هو من الأرض بانضمام الحرارة الخاصة - من الشمس، أو من الأرض - بعد تصاعدها، هو السحاب الحامل للأبخرة، وهي ليست ماء المطر، فلا ينبغي الخلط بين ما هو من السماء وما هو من الأرض، وقد وقع الخلط الكثير في كلمات أرباب النظر من أهل التفسير، غافلين عما هو الظاهر من الآية الشريفة.