وبالجملة: بعد كون النسبة وسند الفتوى نفس هذه الأخبار، يكون مقتضى الجمع، هو الالتزام بتعددهما الواقعي وترتيب آثار الوحدة في الصلاة وفيما إذا نذر أن يقرأ سورة واحدة وغير ذلك، وأما فيما نحن فيه - وهي مسألة التحدي - فلا.
وأما ذهاب الأخفش والزجاج إلى الوحدة، لتعلق الآية الأولى من السورتين الثانيتين بالآية الأخيرة في السورة الأولتين (1)، فهو لا يهمنا، وتفصيله في محله إن شاء الله تعالى.
وأسخف من ذلك: عدم فصلهما بالبسملة في مصحف أبي بن كعب (2)، لخلو المصاحف السابقة عن بعض السور، كالفاتحة والمعوذتين، ولو كان في ذلك شهادة على شئ للزم ما لا ينبغي الالتزام به.
وبناء على ما سلكناه يظهر ما في مذهب القدماء والمتأخرين - رأيا وسلوكا - ولاتصل نوبة البحث إلى التشبث بمخالفة العامة، مع أن حديث الترجيح بمخالفة العامة، أو التمييز بها - على اختلاف القولين في محله - لا محل له هنا، لأن العامة لا يقولون بشئ، وليسوا متعرضين للمسألة خصوصا، حتى يتوهم صدور خبر التعدد لأجل التقية، كما هو الظاهر، فليتأمل، واغتنم.