الجزاف في حقه - تعالى وتقدس - كما لا يخفى على أهله.
وغير خفي: أن الاختلاف المزبور أيضا مستند إلى الاختلاف في الموارد والقابليات والإمكانات والاستعدادات الموجبة لاختلافهم في كيفية الارتباط، والكيفية الموصلة والمورثة لاشتداد الربط وضعفه وقوة الوصل وفتوره.
وما أشبه هذه المسألة بجزئيتها وكليتها بالأدوات الكهربائية، التي يكون اختلاف أفاعيلها حسنا وبهاء وقلة وكثرة، باختلاف سعة وجودها وكيفية ارتباطها، مع أن الكل مستند إلى الواحد، وهو الكهرباء، ولكن الآثار تختلف من جهات كثيرة لاختلاف الوسائط الصغيرة الحقيرة والكبيرة العظيمة، فإن الصناعة الكبيرة تستنير بوجه غير ما تستنير به الصغيرة منها كما ترى، فلا تخلط.
فتحصل لحد الآن وبلغ إلى ميزان التحقيق وميقات التدقيق: أن تخيل نزول الملك العلام والجبريل التام - عليه آلاف التحية والسلام - على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أو نبي من أنبياء الله، يكون على وجه الجزاف، من غير اقتضاء من ناحية المنزل عليه، ومن غير التماس منه، في غاية السقوط وبمعزل عن الصواب جدا.
ولو صح ما توهموه لتوجه عليهم المشكلة التي لا تحل وهي: أن النبوة والرسالة والعلم بالأمور المحجوبة، والاقتدار على الحوادث الخارقة للعادة، لا يعد شأنا لهم، كما قال الشاعر الفارسي الجاهل:
گر وحى به پشه أي رساند * صد مرتبه بيشتر بداند وذلك لتوهمه أن نزول جبريل على الأنبياء والرسل بإرادة الله تعالى،