وترغيم أنفهم بإتمام الحجة عليه، وبسد أبواب الأعذار من كل جانب عليه.
ثم بعد ذلك شرع الكتاب الإلهي في الإتيان بالطوال، حتى لا يذهب الذاهب إلى أن القصار وما يقرب منها غير مهتم به، فأتى القرآن بمثل البقرة وآل عمران والنساء، ولعمري إن الخروج من القصر إلى الطوال حركة كمية من النقص إلى الكمال في وجه، وحركة طبيعية في ذوات الأرواح الإنسانية حتى تنتهي إلى الهداية المقصودة والسعادة الأبدية.
ولنعم ما قيل: إن في القرآن ميادين وبساتين ومقاصير وعرايس وديابيج ورياض وخانات:
فالميمات ميادين القرآن والراءات بساتينها، والحامدات مقاصيره، المسبحات عرايس القرآن، والحاميمات ديباجه، والمفصل رياضه، وما سوى ذلك هي خاناته. فإذا دخل القارئ في الميادين، وقطف من البساتين، ودخل المقاصير، وشهد العرايس، ولبس الديباج، وتنزه في الرياض، وسكن غرف الخانات استغرقه ذلك عما سواه، فلم يكن يشغله غير الله تبارك وتعالى إن شاء الله.