الدلالة كانت في نظر المشركين والكفار مورد المناقشة والخدشة، فأقام الله تعالى عليهم الدليل على أن تلك الآيات من الله لا من غيره.
فما في كتب التفسير سلفا وخلفا من: أن الآيات السابقة أقيمت على التوحيد، وهذه الآيات على النبوة غير واضح جدا.
وبعبارة أخرى: تلك الآيات كانت تدل على صدق النبوة والدعوة بالحمل الشائع، وصحة ما يدعوهم النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) إليه، وهو عبادة الله تعالى وترك الأنداد والأضداد، وهذه الآيات تدل أيضا بالحمل الشائع على النبوة، إلا أنها جئ بها لإفادة أن ما يدعوهم النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) إليه هو الحق وأن ما يعبدونه هو الباطل.
وإن شئت قلت: قد جمع في هاتين الأخيرتين بين أمرين:
أحدهما: إثبات لزوم كون العبادة لله، ضرورة أن الآيات - الآمرة به والناهية عن جعل الند له - من قبل الله تعالى، بشهادة عجزهم عن الإتيان بمثلها.
ثانيهما: إثبات النبوة الخاصة طبعا بعد ثبوت الأمر الأول، نظرا إلى انضمام ذلك إلى دعواه (صلى الله عليه وآله وسلم) النبوة وإلا فالآية أجنبية عن إثبات نبوته (صلى الله عليه وآله وسلم)، لقوله تعالى: * (مما نزلنا على عبدنا) * وكأن الرسالة والنبوة ليست مورد النظر، ولو كان الناس يؤمنون بالله وبكتبه، وبأن هذه الكتب نزلت على فلان، لكفى في نجاحهم، وأما الإقرار بأمر آخر، وهو عنوان الرسالة، فهو أمر قهري الحصول غير لازم الاعتراف به، وتفصيله في محله إن شاء الله تعالى.