الفعل والفاعل، يكون مجزوما، على خلاف في أنه مجزوم بالحرف أو مجزوم بالجملة الشرطية. وتوهم أن جزمه مستند إلى الفعل المذكور في الشرط فاسد كما ترى، ولا يحتاج إلى الفاء الجوابية، وإن كانت الجملة الجزائية مركبة من المبتدأ والخبر، تكون في محط الجزم ومحله، وتحتاج إلى الفاء، وهذه الآية الشريفة قسم ثالث، لأن الجملة الثانية فعلية، وقد دخلت عليها الفاء، فتدل على جواز الدخول خلافا لما يظهر من المثال المعروف إن تفعل أفعل وإن تكرم تكرم.
وبالجملة: في الجمل اختلاف بحسب السياق وكيفية الأداء، فربما يحسن دخول الفاء، وربما لا يحسن ذلك، ولا ضابطة كلية لها.
قوله تعالى: * (من دون الله) * متعلق ب * (ادعوا شهداءكم) *، ويحتمل أن يكون متعلقا ب * (شهداءكم) *، وفي محل الجر على الصفة أي ادعوا شهداءكم الذين هم غير الله.
قوله تعالى: * (إن كنتم صادقين) * ربما يشكل إعراب الآية، للزوم كون الواو من قوله تعالى: * (وادعوا) * استئنافا، حتى يكون في حكم الجواب لهذه القضية الشرطية الثانية، على أن الظاهر انعطاف الجملة الثانية على الأولى، وارتباط الجملة الثالثة - وهي قوله تعالى: * (إن كنتم صادقين) * بالأولى.
والذي يظهر لي: أن جملة * (وادعوا شهداءكم) * ليست عاطفة لما لا معنى لها، كما لا يخفى، فتكون هذه الآية مشتملة على قضيتين شرطيتين:
إحداهما قدم الشرط فيها، وفي الأخرى تأخر، وقدمت القضية الجزائية، وهو قوله تعالى: * (وادعوا شهداءكم) *. نعم بينهما الارتباط المعنوي،