والإنصاف: أن القول بالتبعيض ضعيف وغفلة، فإن المتحدي لو كان ببعض السورة حتى يشمل الآية الواحدة، كان له وجه، وإلا فما قالوه في توجيه التبعيض وتفسيره، أي فأتوا ببعض ما هو مثل له، وهو سورة، غير صحيح، كما هو واضح.
وأما التبيين فهو يصح فيما إذا كان الحكم متوجها إلى العام، ثم يحتاج إلى البيان لاختصاصه بالخاص، مثل الأمر بالاجتناب عن الرجس، فإنه يشمل مطلق الرجس، فيحتاج إلى البيان، لأن الرجس الوثني واجب الاجتناب، وهذا في المقام غير متصور، لأن قوله تعالى:
* (سورة) * يبين حدود المراد من قوله: * (مما نزلنا) *، فإن الموصول ولو كان أعم إلا أنه مضافا إلى ما أشير إليه غير محتاج إلى الإبانة.
وأما القول بالزيادة المطلقة فهو واضح البطلان إلا برجوعه إلى حسن الاستعمال وقبول الطباع مع معهودية ذلك بين أهله، وهذا فيما نحن فيه، مع إمكان كونها بصدد إفادة الأمر الخاص بهذه الآية وما هو مثله، دون الآية الأخرى الغير المشتملة على كلمة " من "، فإنه كما يمكن أن يكون النظر إلى دعوتهم إلى الإتيان بسورة مثل سور القرآن، يمكن أن يوجه النظر ويلفت الفكر إلى أن يأتوا بسورة من مثل الرسول الأمي، الغير المتدرب على شؤون الفصاحة، وغير الخائض في جهات البلاغة في تلك العصور السابقة، فتكون نشوية، أي فأتوا بسورة ناشئة من مثله، وصادرة من مماثله ومشابهه.
وما في كلمات القوم: من أن بعضا من الآيات الآتية، تتحدى بالإتيان