المقربين. فتكون تجارتهم رابحة، ومن المهتدين حسب الحقيقة والواقع النفس الأمري.
فيا أخي ويا شقيقي: ألا ولا تظن أن مجرد الإيمان بالله وباليوم الآخر والإقرار بالإسلام وعقد القلب على أحكامه يكفيك، فإن الضلالات ودرجاتها هي الدنيا، وحبها هي الدنيا، ومراتبها من زخارفها ومشاغلها ولذاتها وكيفياتها، وما دام القلب - الذي هو عرش الرحمن - فيه حبها وحب مظاهرها وجمالاتها وكمالاتها، فهو في الضلالة، وهو من الذين اشتروا الضلالة بالهدى، فلابد وأن تقوم قياما لا فتور فيه وتنهض نهوضا لا ضعف ولا مرض ولا عرض يعتريه، حتى تتمكن من إخراج الشبهات الإبليسية والتسويلات الشيطانية والوهمية.. إلى أن تتمكن من إخراج حب المقام والجاه والبقاء، حتى تتجافى جنوبكم عن المضاجع، ولا تكون من الخالدين، وذلك لا يمكن إلا بالجد والاجتهاد والقوة والنشاط، وبتقليل الأغذية اللذيذة الملهية، فإن رأس كل داء كثرة الأكل، فإنها تورث كثرة الشهوة والباه والنوم والغفلة، فإن القلب الصافي يحصل بعد تصفية البطن وتخلية الباطن، فإذا تمكن الإنسان من هذا القدم - وهو القدم الأول - يتمكن من التجلية وجلاء الروح بأنحاء الأوصاف والهدايات، ويتيسر له أن يتحلى قلبه بالمحاسن والمبرات، ثم يتمكن الإنسان السالك من مقام التحلية والفناء والمحو والصحو بعد المحو.
وبالجملة: ينبغي للسالك أن يحافظ على رأس ماله، ثم يطلب الربح، حتى إذا فاته الربح في صفقة يتداركه في أخرى، ليبقى رأس المال.
فقد حكي: أنه كان للشيخ أبي الدقاق مريد تاجر متمول، فمرض