الذي بنوا عليه من اتباع موسى (عليه السلام) مثلا * (فما ربحت تجارتهم) * وما نمت وما ازدادت، * (وما كانوا مهتدين) * من الأول، لأنهم كانوا على غير الإسلام، كما قال الله تعالى: * (ومن الناس من يقول آمنا بالله وباليوم الاخر وما هم بمؤمنين) * (1).
وبعبارة أخرى: إن اليهود كانوا على الهداية حسب معتقدهم، وصاروا على الضلالة لأجل نفاقهم، وذلك ارتداد في دينهم وحسب مذهبهم، مع أنهم * (ما كانوا مهتدين) * واقعا.
وقريب منه: * (أولئك الذين اشتروا) * واختاروا * (الضلالة) * - بجميع معنى الكلمة وبمراتبها الدانية والقاصية - * (بالهدى) *، أي على الهدى بجميع مراتبه، فما بقي عندهم منه شئ * (فما ربحت تجارتهم) * لما لا يكون عندهم شئ من رؤوس أموالهم حتى تربح، * (وما كانوا مهتدين) * من ابتداء الخلقة، على خلاف العام المعروف، وهو أن كل مولود يولد على الفطرة (2)، فهم قد خرجوا منه بشهادة نفاقهم الطارئ وتلبيسهم العارض عليهم.
وقريب منه: * (أولئك) * المنافقون على اختلاف طبقاتهم، ومنهم طائفة من المسلمين والمؤمنين * (اشتروا الضلالة) * بمعنى أن كل من كان في مرتبة من الهداية وباعها بمرتبة من الضلالة، واستبدلها * (بالهدى فما ربحت تجارتهم) * على اختلاف ترقبهم من الربح الدنيوي أو الأخروي وذلك كله له سر وعلة، وهو أنهم * (ما كانوا مهتدين) * حقيقة وعلى الإطلاق.