يوما، فعاده الشيخ، وسأل منه سبب مرضه؟ فقال التاجر: اشتغلت نهاري في التجارة حتى تعبت، فقمت هذه الليلة لمصلحة التهجد، فلما أردت الوضوء بدأ لي من ظهري حرارة، فاشتد أمري حتى صرت محموما.
فقال الشيخ: لا تفعل فعلا فضوليا، ولا ينفعك التهجد ما دمت لم تهجر الدنيا وتخرج محبتها من قلبك، وتحرص عليها، فاللائق بك أولا هو ذاك، ثم الاشتغال بوظائف النوافل، فمن كان به أذى من صداع لا يسكن ألمه بالطلاء على الرجل، ومن تنجست يده لا يجد الطهارة بغسل ذيله وكمه.
ومن علائم اتباع الهوى: المسارعة إلى نوافل الخيرات، والتكاسل عن القيام بالواجبات، ترى من يقوم بالأوراد الكثيرة والنوافل الثقيلة، ولا يقوم بفرض واحد على وجهه (1). انتهى.
فتاجروا مع الله بالأعمال الصالحة والصدقات المفروضة، واطلبوا التجافي عن دار الغرور، واقرعوا باب الاستغفار والاعتذار، ودعوا المباهاة والافتخار، ولا يغركم عزكم في الدنيا وإقبالها عليكم، فإن الإقبال مقلوب " لابقاء "، فبموتكم يذهب الذهب، وإن الغناء عناء، والدرهم هم، والدينار نار، ولا تضيع عمرك في تحصيل العلوم الفضول، فإنه من اشتراء الضلالة بالهدى، فاقنع من العلم بقدر حاجتك للعمل، فإن النحو محو، والنجوم رجوم، والرياضي رياضة، والفلسفة فل (2) وسفه، وتعلموا العلوم النافعة التي هي الأنوار بذاتها، ومنها علم القرآن والحديث. كل