العلوم سوى القرآن مشغلة غير الحديث، وكل ذلك لأن العلوم التي لا تنتهي إلى الوحي والتنزيل لا يعلم أنها علم ونور، ولا يصدق أنها الهداية والخير، وقد كثر على الباحثين اشتباهاتهم في العقليات، فضلا عن الحدسيات، وقد اتفق في علم: أن القاعدة الفلانية من القواعد المحكمة، الناهضة عليها البراهين القطعية والشواهد العرفانية، ثم تبدلت في العصور المتأخرة.
فإذا أمعنت النظر في حال أرباب الفكر والنظر من ابتداء التأريخ إلى عصرنا 1392 من الهجرة النبوية على مهاجرها آلاف الصلاة والتحية، ترى تبادلهم في الرأي والأنظار، وتشتتهم في الآراء والعقائد، ولو كنت تذهب إلى مذهب حسب ما وصل إليك من البرهان، ولكن بعد التوجه إلى هذه التقلبات في الأقوال والمذاهب، وإلى أنك أيضا منهم، فكيف تطمئن إلى علومك وقولك؟! فالعلم ما ينتهي إلى الله تعالى بتوسط ملك الوحي وسلطان الأمر. والله هو الهادي إلى الصواب، ونرجو منه ونسأله أن يمن علينا بتجليات باهرة، وبقبسات آياته القاهرة، وهو المعين.