عباس، ومجاهد، والسدي، وقتادة، واختاره أبو حنيفة، والجبائي. وقيل: المراد به اللمس باليد وغيرها، عن عمر بن الخطاب، وابن مسعود، والشعبي، وعطا، واختاره الشافعي. والصحيح الأول، لان الله سبحانه بين حكم الجنب في حال وجود الماء بقوله: (ولا جنبا إلا عابري سبيل حتى تغتسلوا) ثم بين عند عدم الماء حكم المحدث بقوله: (أو جاء أحد منكم من الغائط)، فلا يجوز أن يدع بيان حكم الجنب عند عدم الماء، مع أنه جرى له ذكر في الآية، ويبين فيه حكم المحدث، ولم يجر له ذكر، فعلمنا أن المراد بقوله (أو لامستم) الجماع، ليكون بيانا لحكم الجنب عند عدم الماء، واللمس، والملامسة، معناهما واحد، لأنه لا يلمسها إلا وهي تلمسه. ويروى أن العرب والموالي اختلفوا فيه، فقالت الموالي: المراد به الجماع، وقال العرب: المراد به مس المرأة، فارتفعت أصواتهم إلى ابن عباس، فقال: غلب الموالي: المراد به الجماع، وسمي الجماع لمسا، لان به يتوصل إلى الجماع، كما يسمى المطر سماء.
وقوله (فلم تجدوا ماء) راجع إلى المرضى والمسافرين جميعا، أي مسافر لا يجد الماء، ومريض لا يجد من يوضؤه، أو يخاف الضرر من استعمال الماء، لان الأصل أن حال المرض يغلب فيها خوف الضرر من استعمال الماء، وحال السفر يغلب فيها عدم الماء (فتيمموا): أي تعمدوا، وتحروا، واقصدوا (صعيدا) قال الزجاج: لا أعلم خلافا بين أهل اللغة في أن الصعيد وجه الأرض، وهذا يوافق مذهب أصحابنا في أن التيمم يجوز بالحجر سواء كان عليه تراب، أو لم يكن (طيبا): أي طاهرا، وقيل: حلالا، عن سفيان. وقيل: منبتا عن السبخة التي لا تنبت كقوله: (والبلد الطيب يخرج نباته بإذن ربه) (فامسحوا بوجوهكم وأيديكم): هذا هو التيمم بالصعيد الطيب، واختلف في كيفية التيمم على أقوال أحدها: إنه ضربة لليدين إلى المرفقين، وهو قول أكثر الفقهاء، وأبي حنيفة، والشافعي، وغيرهما، وبه قال قوم من أصحابنا. وثانيها: إنه ضربة للوجه، وضربة لليدين من الزندين، وإليه ذهب عمار بن ياسر، ومكحول، واختاره الطبري، وهو مذهبنا في التيمم، إذا كان بدلا من الجنابة، فإذا كان بدلا من الوضوء، كفاه ضربة واحدة، يمسح بها وجهه، من قصاص شعره، إلى طرف أنفه، ويديه من زنديه إلى أطراف أصابعهما، وهو المروي عن سعيد بن المسيب. وثالثها: إنه إلى الإبطين عن الزهري (إن الله كان عفوا) يقبل منكم العفو، لان في قبوله التيمم بدلا من الوضوء،