النزول: قال مقاتل: نزلت الآية في سعد بن الربيع بن عمرو، وكان من النقباء، وفي امرأته حبيبة بنت زيد بن أبي زهير، وهما من الأنصار، وذلك أنها نشزت عليه، فلطمها، فانطلق أبوها معها إلى النبي، فقال: أفرشته كريمتي فلطمها! فقال النبي: لتقتص من زوجها. فانصرفت مع أبيها لتقتص منه، فقال النبي: ارجعوا فهذا جبرائيل أتاني وأنزل الله هذه الآية، فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: " أردنا أمرا وأراد الله أمرا والذي أراد الله خير " ورفع القصاص. وقال الكلبي: نزلت في سعد بن الربيع وامرأته خولة بنت محمد بن مسلمة، وذكر القصة نحوها. وقال أبو روق: نزلت في جميلة بنت عبد الله بن أبي، وفي زوجها ثابت بن قيس بن شماس، وذكر قريبا منه.
المعنى: لما بين تعالى فضل الرجال على النساء، ذكر عقيبه فضلهم في القيام بأمر النساء، فقال (الرجال قوامون على النساء): أي قيمون على النساء، مسلطون عليهن في التدبير، والتأديب، والرياضة، والتعليم، (بما فضل الله بعضهم على بعض): هذا بيان سبب تولية الرجال عليهن: أي إنما ولاهم الله أمرهن، لما لهم من زيادة الفضل عليهن، بالعلم، والعقل، وحسن الرأي، والعزم (وبما أنفقوا من أموالهم) عليهن من المهر والنفقة، كل ذلك بيان علة تقويمهم عليهن، وتوليتهم أمرهن. (فالصالحات قانتات): أي مطيعات لله ولأزواجهن، عن قتادة، والثوري، وعطاء. ويقال: حافظات، ويدل عليه قوله: (يا مريم اقنتي لربك) أي أقيمي على طاعته، (حافظات للغيب): يعني لأنفسهن وفروجهن في حال غيبة أزواجهن، عن قتادة، وعطاء، والثوري، ويقال: الحافظات لأموال أزواجهن في حال غيبتهم، راعيات بحقوقهم وحرمتهم. والأولى أن يحمل على الامرين، لأنه لا تنافي بينهما (بما حفظ الله): أي بما حفظهن الله في مهورهن، وإلزام أزواجهن النفقة عليهن، عن الزجاج. وقيل: بحفظ الله لهن، وعصمته، ولولا أن حفظهن الله وعصمهن، لما حفظن أزواجهن بالغيب.
(واللاتي تخافون نشوزهن) معناه: فالنساء اللاتي تخافون نشوزهن بظهور أسبابه وأماراته، ونشوز المرأة: عصيانها لزوجها، واستيلاؤها عليه، ومخالفتها إياه.
وقال الفراء: " معناه تعلمون نشوزهن " (1) قال: (وقد يكون الخوف بمعنى العلم لان