شيئا) فالظلم على هذا: انتقاص الحق، والظلمة: انتقاص النور بذهابه. وسقاء مظلوم: إذا شرب منه قبل أن يدرك. والظليم: ذكر النعام، لأنه يضع الشئ غير موضعه، من حيث يحضن غير بيضه. وأصل المثقال: الثقل، فالمثقال: مقدار الشئ في الثقل، والثقل: ما ثقل من متاع السفر.
الإعراب: أصل (تك) تكون، فحذفت الضمة للجزم لسكونها، وسكون النون. فأما سقوط النون فلكثرة الاستعمال، فكأنهم أرادوا أن يجزموا الكلمة مرة أخرى، فلم يجدوا حركة يسقطونها، فأسقطوا الحرف. وقد ورد القرآن بالحذف والاثبات، قال سبحانه: (إن يكن غنيا أو فقيرا) ومثل تك قولهم: لا أدر، ولم أبل، والأصل لا أدري، ولم أبال. و (لدن): في موضع جر، وفيه لغات: لد، ولدن، ولدى، ولدا، والمعنى واحد، ومعناه: من قبله. ولدن لما يليك. و (عند) تكون لما يليك ولما بعد منك، تقول: عندي مال، وإن كان بينك وبينه بعد، وإذا أضفته إلى نفسك زدت فيه نونا أخرى، ليسلم سكون النون، تقول: لدني ولدنا، وكذلك مني ومنا.
المعنى: (إن الله لا يظلم) أحدا قط (مثقال ذرة): أي زنة ذرة، وهي النملة الحمراء الصغيرة التي لا تكاد ترى، عن ابن عباس، وابن زيد، وهي أصغر النمل.
وقيل: هي جزء من أجزاء الهباء في الكوة من أثر الشمس، وإنما لا يختار الله تعالى الظلم، ولا يجوز عليه الظلم، لأنه عالم بقبحه، مستغن عنه، وعالم بغناه عنه، وإنما يختار القبيح من يختاره، لجهله بقبحه، أو لحاجته إليه، لدفع ضرر، أو لجر نفع، أو لجهله باستغنائه عنه، والله سبحانه منزه عن جميع ذلك، وعن سائر صفات النقص والعجز ولم يذكر سبحانه الذرة ليقصر الحكم عليها، بل إنما خصها بالذكر، لأنها أقل شئ مما يدخل في وهم البشر.
(وإن تك حسنة يضاعفها) ومعناه: وإن تك زنة الذرة حسنة، يقبلها ويجعلها أضعافا كثيرة. وقيل: يجعلها ضعفين عن أبي عبيدة. وقيل: معناه يديمها، ولا يقطعها، ومثله قوله: (ومن يعمل مثقال ذرة خيرا يره)، وكلتا الآيتين غاية في الحث على الطاعة، والنهي عن المعصية. وقوله (ويؤت من لدنه): أي يعطه من عنده (أجرا عظيما): أي جزاء عظيما، وهو ثواب الجنة. وفي هذه الآية دلالة على أن منع الثواب، والنقصان منه، ظلم، لأنه لو لم يكن كذلك لما كان لهذا الترغيب