وقفوا على النار)، وقال أبو النجم:
ثم جزاه الله عني إذ جزى * جنات عدن في العلالي العلا (1) (من دون الله): من زائدة مؤكدة للمعنى. قوله: (إن كنت قلته) المعنى إن أكن الآن قلته فيما مضى، وليس كان فيه على المعنى، لان الشرط والجزاء لا يقعان إلا فيما يستقبل، وحرف الجزاء يغير معنى المضي إلى الاستقبال لا محالة، هذا قول المحققين. وقوله (أن اعبدوا الله). ذكر في محله وجوه أحدها: النصب بدلا مما أمرتني به. والثاني: أن يكون مجرورا لموضع بدلا من الهاء في به. والثالث: أن يكون أن مفسرة لما أمر به بمعنى أي، وعلى هذا، فلا موضع لها من الاعراب.
المعنى: ثم عطف سبحانه على ما تقدم من أمر المسيح فقال (وإذ قال الله) والمعنى: إذ يقول الله يوم القيامة لعيسى (يا عيسى ابن مريم أأنت قلت للناس اتخذوني وأمي إلهين من دون الله) هذا، وإن خرج مخرج الاستفهام، فهو تقريع وتهديد لمن ادعى ذلك عليه من النصارى، كما جرى في العرف بين الناس أن من ادعى على غيره قولا، فيقال لذلك الغير بين يدي المدعى عليه ذلك القول أأنت قلت هذا القول، ليقول: لا. فيكون ذلك استعظاما لذلك القول، وتكذيبا لقائله.
وذكر فيه وجه آخر وهو: أن يكون تعالى أراد بهذا القول تعريف عيسى أن قوما قد اعتقدوا فيه، وفي أمه، أنهما إلهان، لأنه يمكن أن يكون عيسى لم يعرف ذلك إلا في تلك الحال، عن البلخي. والأول أصح.
وقد اعترض على قوله: إلهين، فقيل: لا يعلم في النصارى من اتخذ مريم إلها؟ والجواب عنه من وجوه أحدها: إنهم لما جعلوا المسيح إلها، لزمهم أن يجعلوا والدته أيضا إلها، لان الولد يكون من جنس الوالدة، فهذا على طريق الإلزام لهم.
والثاني: إنهم لما عظموهما تعظيم الآلهة، أطلق اسم الآلهة عليهما، كما أطلق اسم الرب على الرهبان والأحبار في قوله (اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله) لما عظموهم تعظيم الرب والثالث: إنه يحتمل أن يكون فيهم من قال بذلك، ويعضد هذا القول ما حكاه الشيخ أبو جعفر، عن بعض النصارى أنه قد كان فيما مضى قوم يقال لهم المريمية، يعتقدون في مريم أنها إله، فعلى هذا يكون القول فيه كالقول في