واختلفوا في كيفية نزولها، وما عليها: فروي عن عمار بن ياسر، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، قال: " نزلت المائدة خبزا ولحما، وذلك لأنهم سألوا عيسى عليه السلام طعاما لا ينفد، يأكلون منها قال: فقيل لهم: فإنها مقيمة لكم ما لم تخونوا، وتخبؤوا، وترفعوا، فإن فعلتم ذلك عذبتم، قال: فما مضى يومهم حتى خبأوا ورفعوا وخانوا ".
وقال ابن عباس: " إن عيسى بن مريم قال لبني إسرائيل: صوموا ثلاثين يوما، ثم اسألوا الله ما شئتم، يعطيكم. فصاموا ثلاثين يوما، فلما فرغوا قالوا: يا عيسى!
إنا لو عملنا لأحد من الناس، فقضينا عمله، لأطعمنا طعاما، وإنا صمنا وجعنا، فادع الله أن ينزل علينا مائدة من السماء، فأقبلت الملائكة بمائدة يحملونها، عليها سبعة أرغفة، وسبعة أحوات (1)، حتى وضعوها بين أيديهم، فأكل منها آخر الناس، كما أكل أولهم). وهو المروي عن أبي جعفر عليه السلام.
وروى عطاء بن السائب، عن زاذان، وميسرة قالا: كانت إذا وضعت المائدة لبني إسرائيل، اختلف عليهم الأيدي من السماء، بكل طعام إلا اللحم، وروى سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: أنزل على المائدة كل شئ إلا الخبز واللحم.
وقال عطاء: نزل عليها كل شئ إلا السمك واللحم. وقال عطية العوفي: نزل من السماء سمكة فيها طعم كل شئ. وقال عمار، وقتادة: كان عليها ثمر من ثمار الجنة. وقال قتادة: كانت تنزل عليهم بكرة وعشيا حيث كانوا كالمن والسلوى لبني إسرائيل. وقال يمان بن رئاب: كانوا يأكلون منها ما شاؤوا.
وروى عطاء بن أبي رباح، عن سلمان الفارسي أنه قال: والله ما تبع عيسى شيئا من المساوئ قط، ولا انتهر يتيما، ولا قهقه ضحكا، ولا ذب ذبابا عن وجهه، ولا أخذ على أنفه من شئ نتن قط، ولا عبث قط، ولما سأله الحواريون أن ينزل عليهم المائدة، لبس صوفا وبكى وقال: (اللهم ربنا أنزل علينا مائدة) الآية. فنزلت سفرة حمراء بين غمامتين، وهم ينظرون إليها، وهي تهوي منقضة حتى سقطت بين أيديهم. فبكى عيسى وقال: اللهم اجعلني من الشاكرين، اللهم اجعلها رحمة، ولا تجعلها مثلة وعقوبة. واليهود ينظرون إليها، ينظرون إلى شئ لم يروا مثله قط، ولم يجدوا ريحا أطيب من ريحه.