اللفظ، ويريد به الجمع، كما قال تعالى (وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها). وإنما جاز ذلك لأنه مضاف، فصلح للجنس، ثم فسر نعمته بأن قال (إذ أيدتك بروح القدس) وهو جبرائيل عليه السلام، وقد مضى تفسيره في سورة البقرة عند قوله وأيدناه بروح القدس (تكلم الناس في المهد وكهلا) أي: في حال ما كنت صبيا في المهد، وفي حال ما كنت كهلا، وقال الحسن: المهد حجر أمه. (وإذ علمتك الكتاب) قيل:
الكتابة يعني الخط (والحكمة) أي: العلم، والشريعة، وقيل: أراد الكتب فيكون الكتاب اسم جنس، ثم فصله بذكر التوراة والإنجيل، فقال (والتوراة والإنجيل وإذ تخلق من الطين كهيئة الطير بإذني) أي: واذكر ذلك أيضا إذ تصور الطين كهيئة الطير الذي تريد أي: كخلقته وصورته، وسماه خلقا لأنه كان يقدره. وقوله: (بإذني) أي: تفعل ذلك بإذني وأمري (فتنفخ فيها) أي تنفخ فيها الروح، لان الروح جسم يجوز أن ينفخه المسيح بأمر الله.
(فتكون طيرا بإذني) والطير: يؤنث ويذكر، فمن أنث فعلى الجمع، ومن ذكر فعلى اللفظ. وواحد الطير: طائر، فيكون مثل ظاعن وظعن، وراكب وركب.
وبين بقوله: (فيكون طيرا بإذني) أنه إذا نفخ المسيح فيها الروح قلبها الله لحما ودما، ويخلق فيها الحياة، فصارت طائرا بإذن الله أي: بأمره وإرادته، لا بفعل المسيح (وتبرئ) أي: تصحح (الأكمه): الذي ولد أعمى، (والأبرص) من به برص مستحكم (بإذني) أي: بأمري. ومعناه أنك تدعوني حتى أبرئ الأكمه والأبرص، ونسب ذلك إلى المسيح، لما كان بدعائه وسؤاله.
(وإذ تخرج الموتى بإذني) أي: أذكر إذ تدعوني فأحيي الموتى عند دعائك، وأخرجهم من القبور حتى يشاهدهم الناس أحياء، ونسب ذلك إلى المسيح لما كان بدعائه (وإذ كففت بني إسرائيل عنك): عن قتلك وأذيتك (إذ جئتهم) أي: حين جئتهم (بالبينات) مع كفرهم وعنادهم. ويجوز أن يكون تعالى كفهم عنه بألطافه التي لا يقدر عليها غيره. ويجوز أن يكون كفهم بالمنع والقهر، كما منع من أراد قتل نبينا. ومعنى (جئتهم بالبينات): أتيتهم بالحجج والمعجزات. (فقال الذين كفروا) وجحدوا نبوتك (منهم) أي: من بني إسرائيل (إن هذا إلا سحر مبين) يعنون به عيسى، و (سحر مبين): يعني به أن ما جاء به سحر ظاهر واضح، وينبغي أن يكون قوله سبحانه في أول الآية (إذ قال الله يا عيسى اذكر نعمتي) يعني: