التحير من قوله (فبهت الذي كفر) أي تحير لانقطاع حجته. فالبهتان: كذب يحير صاحبه لعظمه. والافضاء إلى شئ هو الوصول إليه بالملامسة، وأصله من الفضاء وهو السعة، فضا يفضو فضوا: إذا اتسع.
الإعراب: (بهتانا) مصدر وضع موضع الحال، وكذلك قوله (وإثما) والمعنى أتأخذونه مباهتين وآثمين.
المعنى: لما حث الله على حسن مصاحبة النساء عند الامساك، عقبه ببيان حال الاستبدال، فقال مخاطبا للأزواج: (وإن أردتم) أيها الأزواج (استبدال زوج مكان زوج): أي إقامة امرأة مقام امرأة (وآتيتم إحداهن): أي أعطيتم المطلقة التي تستبدلون بها غيرها (قنطارا): أي مالا كثيرا على ما قيل فيه من أنه ملء مسك ثور ذهبا، أو أنه دية الانسان، أو غير ذلك من الأقوال التي ذكرناها في أول آل عمران، (فلا تأخذوا منه): أي من المؤتى: أي المعطى (شيئا): أي لا ترجعوا فيما أعطيتموهن من المهر، إذا كرهتموهن، وأردتم طلاقهن.
(أتأخذونه بهتانا): هذا استفهام إنكاري: أي تأخذونه باطلا وظلما، كالظلم بالبهتان. وقيل معناه: أتأخذونه بإنكار التمليك، وسماه بهتانا، لان الزوج إذا أنكر تمليكه إياها بغير حق، استوجب المعطى لها في ظاهر الحكم، كان إنكاره بهتانا وكذبا، (وإثما مبينا): أي ظاهرا لا شك فيه. ومتى قيل في الآية: لم خص حال الاستبدال بالنهي عن الأخذ، مع أن الاخذ محرم، مع عدم الاستبدال؟ فجوابه: إن مع الاستبدال قد يتوهم جواز الاسترجاع من حيث إن الثانية تقوم مقام الأولى، فيكون لها ما أخذت الأولى، فبين تعالى أن ذلك لا يجوز، وأزال هذا الاشكال.
والمعنى: إن أردتم تخلية المرأة سواء استبدلتم مكانها أخرى، أم لم تستبدلوا، فلا تأخذوا مما آتيتموها شيئا.
(وكيف تأخذونه): وهذا تعجيب من الله تعالى وتعظيم: أي عجبا من فعلكم، كيف تأخذون ذلك منهن، (وقد أفضى بعضكم إلى بعض): وهو كناية عن الجماع، عن ابن عباس، ومجاهد، والسدي. وقيل: المراد به الخلوة الصحيحة، وإن لم يجامع، فسمى الخلوة إفضاء لوصوله بها إلى مكان الوطء، وكلا القولين قد رواه أصحابنا وفي تفسير الكلبي عن ابن عباس: إن الافضاء حصوله معها في لحاف واحد، جامعها أو لم يجامعها، فقد وجب المهر في الحالين.