بالله، ويأمر بالأزلام لما فيها من ضعف الرأي، والاتكال على الاتفاق. وقال الباقر عليه السلام: يدخل في الميسر اللعب بالشطرنج، والنرد، وغير ذلك من أنواع القمار، حتى إن لعب الصبيان بالجوز من القمار.
(فاجتنبوه) أي: كونوا على جانب منه أي: في ناحية (لعلكم تفلحون) معناه لكي تفوزوا بالثواب. وفي هذه الآية دلالة على تحريم الخمر، وهذه الأشياء من أربعة أوجه أحدها: إنه سبحانه وصفها بالرجس، وهو النجس. والنجس محرم بلا خلاف والثاني: إنه نسبها إلى عمل الشيطان، وذلك يوجب تحريمها والثالث:
إنه أمر باجتنابها، والامر يقتضي الايجاب. والرابع: إنه جعل الفوز والفلاح في اجتنابها، والهاء في قوله (فاجتنبوه) راجعة إلى عمل الشيطان، تقديره فاجتنبوا عمل الشيطان، وكل واحد من شرب الخمر، وتعاطي القمار، واتخاذ الأنصاب، والأزلام، من عمل الشيطان. ويجوز أن تكون الهاء عائدة إلى الرجس، والرجس واقع على الخمر، وما ذكره بعدها، وقد قرن الله تعالى الخمر بعبادة الأوثان تغليظا في تحريمها، ولذلك قال الباقر عليه السلام: " مدمن الخمر كعابد الوثن " وفي هذا دلالة على تحريم سائر التصرفات في الخمر من الشرب، والبيع، والشراء، والاستعمال على جميع الوجوه.
ثم بين تعالى أنه إنما نهى عن الخمر لما يعلم في اجتنابه من الصلاح وخير الدارين فقال (إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر) قال ابن عباس: يريد سعد بن أبي وقاص ورجلا من الأنصار، كان مواخيا لسعد، فدعاه إلى الطعام، فأكلوا وشربوا نبيذا مسكرا، فوقع بين الأنصاري وسعد مراء ومفاخرة، فأخذ الأنصاري لحى جمل فضرب به سعدا ففزر انفه (1)، فأنزل الله تعالى ذلك فيهما. والمعنى يريد الشيطان إيقاع العداوة بينكم بالإغواء المزين لكم ذلك، حتى إذا سكرتم، زالت عقولكم، وأقدمتم من القبائح على ما كان يمنعه منه عقولكم. قال قتادة: إن الرجل كان يقامر في ماله وأهله، فيقمر، ويبقى حزينا سليبا، فيكسبه ذلك العداوة والبغضاء. (ويصدكم عن ذكر الله) أي: يمنعكم عن الذكر لله بالتعظيم والشكر على آلائه (وعن الصلاة) التي هي قوام دينكم (فهل أنتم منتهون) صيغته الاستفهام ومعناه النهي، وإنما جاز في صيغة الاستفهام أن يكون