أي برسالة. وكونه بمعنى المرسل قوله (وما محمد إلا رسول) ومثله في أنه فعول بمعنى مفعول، قوله:
وما زلت خيرا منك مذ عض كارها * بلحييك غادي الطريق ركوب (1) يريد: إنه طريق مركوب مسلوك. والعصمة: المنع، من عصام القربة: وهو وكاؤها الذي تشد به من سير أو خيط، قال الشاعر:
وقلت عليكم مالكا إن مالكا * سيعصمكم إن كان في الناس عاصم أي: سيمنعكم. واعتصم فلان بفلان: أي امتنع به.
المعنى: ثم أمر سبحانه نبيه بالتبليغ، ووعده العصمة والنصرة، فقال (يا أيها الرسول)، وهذا نداء تشريف وتعظيم (بلغ) أي: أوصل إليهم (ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته). أكثر المفسرون فيه الأقاويل فقيل: إن الله تعالى بعث النبي صلى الله عليه وآله وسلم برسالة ضاق بها ذرعا، وكان يهاب قريشا، فأزال الله بهذه الآية تلك الهيبة، عن الحسن. وقيل يريد به إزالة التوهم من أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كتم شيئا من الوحي للتقية، عن عائشة. وقيل غير ذلك.
وروى العياشي في تفسيره بإسناده عن ابن عمير، عن ابن أذينة، عن الكلبي، عن أبي صالح، عن ابن عباس، وجابر بن عبد الله، قالا: أمر الله محمدا صلى الله عليه وآله وسلم أن ينصب عليا عليه السلام للناس، فيخبرهم بولايته، فتخوف رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن يقولوا:
حابى ابن عمه، وأن يطعنوا في ذلك عليه، فأوحى الله إليه هذه الآية، فقام بولايته يوم غدير خم وهذا الخبر بعينه قد حدثناه السيد أبو الحمد، عن الحاكم أبي القاسم الحسكاني، بإسناده عن ابن أبي عمير في كتاب شواهد التنزيل لقواعد التفصيل والتأويل. وفيه أيضا بالاسناد المرفوع إلى حيان بن علي الغنوي، عن أبي صالح، عن ابن عباس قال: نزلت هذه الآية في علي عليه السلام، فأخذ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بيده عليه السلام، فقال: " من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه ". وقد أورد هذا الخبر بعينه أبو إسحاق أحمد بن محمد بن إبراهيم الثعلبي في