أنه بمنزلة قوله (وأن احكم بينهم بما أنزل الله)، فكما أمر النبي صلى الله عليه وآله وسلم بذلك، فكذلك أمروا به بالإنجيل.
اللغة: القفو: اتباع الأثر، يقال: قفاه يقفوه. والتقفية: الاتباع، يقال: قفيته بكذا أي: اتبعته. وإنما سميت قافية الشعر قافية، لأنها تتبع الوزن. والآثار جمع الأثر: وهو العلم الذي يظهر للحس. وآثار القوم: ما أبقوا من أعمالهم. والمأثرة:
المكرمة التي يأثرها الخلف عن السلف، لأنها علم يظهر فضله للنفس. والأثير:
الكريم على القوم، لأنهم يؤثرونه بالبر ومنه الايثار للاختيار، فإنه إظهار فضل أحد العملين على الآخر. وقد مر تفسير الإنجيل في أول آل عمران. والوعظ والموعظة هي الزجر عما يكرهه الله إلى ما يحبه، والتنبيه عليه.
الاعراب: قوله: (بعيسى ابن مريم مصدقا) نصب مصدقا على الحال.
و (هدى): رفع بالابتداء، وفيه خبره قدم عليه (ونور) عطف على (هدى) (ومصدقا لما بين يديه من التوراة) نصب على الحال، وليس بتكرير، لان الأول حال لعيسى، وبيان أنه يدعو إلى التصديق بالتوراة، والثاني حال من (الإنجيل)، وبيان أن فيه ذكر التصديق بالتوراة، وهما مختلفان، وهو عطف على موضع قوله.
(فيه هدى)، لأنه نصب على الحال. وتقديره: آتيناه الإنجيل مستقرا فيه هدى ونور مصدقا. وهدى: في موضع نصب بالعطف على (مصدقا). (وموعظة) عطف على (هدى). والتقدير: وهاديا وواعظا.
المعنى: لما قدم تعالى ذكر اليهود، أتبعه بذكر النصارى، فقال: (وقفينا على آثارهم) أي: وأتبعنا على آثارهم النبيين الذين أسلموا، عن أكثر المفسرين، واختاره علي بن عيسى، والبلخي. وقيل: معناه على آثار الذين فرضنا عليهم الحكم الذي مضى ذكره، عن الجبائي. والأول أجود في العربية، وأوضح في المعنى.
(بعيسى بن مريم) أي: بعثناه رسولا من بعدهم (مصدقا لما بين يديه) أي: لما مضى (من التوراة) التي أنزلت على موسى، صدق بها وآمن بها، وإنما قال لما مضى قبله لما بين يديه، لأنه إذا كان يأتي بعده خلفه، فالذي مضى قبله يكون قدامه، وبين يديه (وآتيناه) أي: وأعطينا عيسى الكتاب المسمى الإنجيل.
والمعنى: وأنزلنا عليه (الإنجيل فيه) يعني: في الإنجيل (هدى) أي: بيان وحجة، ودلائل له على الاحكام (ونور) سماه نورا، لأنه يهتدى به كما يهتدى بالنور