كل القرآن.
الحجة: قال أبو علي: حجة من نصب العين وما بعده، أنه عطف ذلك كله على أن يجعل الواو للاشتراك في نصب أن ولم يقطع الكلام عما قبله، كما فعل ذلك من رفع. وأما من رفع بعد النصب فقال: إن النفس بالنفس، والعين بالعين، فإنه يحتمل ثلاثة أوجه، أحدها: أن تكون الواو عاطفة جملة على جملة، كما يعطف المفرد على المفرد والثاني: إنه حمل الكلام على المعنى، لأنه إذا قال (وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس) فمعناه قلنا لهم: النفس بالنفس، فحمل (العين بالعين) على هذا، كما أنه لما كان المعنى في قوله (يطاف عليهم بكأس من معين) يمنحون كأسا من معين، حمل حورا عينا على ذلك، كأنه يمنحون كأسا، ويمنحون حورا عينا، ومن ذلك قوله:
بادت وغير آيهن مع البلى * إلا رواكد جمرهن هباء ومشجج أما سواء قذاله * فبدا، وغيب ساره المعزاء (1) لما كان المعنى في (بادت وغير آيهن إلا رواكد): بها رواكد، حمل مشججا عليه، فكأنه قال: هناك رواكد ومشجج. ومثل هذا في الحمل على المعنى كثير.
وأقول: إن من هذا القبيل بيت الفرزدق الذي آخره إلا " مسحتا أو مجلف ". وقد ذكرناه قبل (2)، لأنه لما كان المعنى لم يبق من المال إلا مسحت، حمل مجلفا عليه والوجه الثالث: أن يكون عطف قوله (والعين بالعين) على الذكر المرفوع في الظرف الذي هو الخبر، وإن لم يؤكد المعطوف عليه بالضمير المنفصل، كما أكد في نحو قوله (إنه يراكم هو وقبيله) ألا ترى أنه قد جاء: (ولو شاء الله ما أشركنا ولا آباؤنا) فلم يؤكد بالمنفصل كما أكد في الآية الأخرى.
قال: فإن قلت: فإن (لا) في قوله (ولا آباؤنا) عوض من التأكيد، لان الكلام قد طال كما في حضر القاضي اليوم امرأة. قيل: هذا إنما يستقيم أن يكون عوضا، إذا وقع قبل حرف العطف. فأما إذا وقع بعد حرف العطف، فإنه لم يسد ذلك المسد، وأما قوله: (والجروح قصاص) فمن رفعه، فإنه يحتمل هذه الوجوه الثلاثة التي ذكرناها، ويجوز أن يستأنف الجروح قصاص، استئناف إيجاب وابتداء