كلمة الله، وإعزاز دينه (ولا يخافون لومة لائم) فيما يأتون من الجهاد والطاعات.
واختلف فيمن وصف بهذه الأوصاف منهم، فقيل: هم أبو بكر وأصحابه الذين قاتلوا أهل الردة، عن الحسن، وقتادة، والضحاك. وقيل: هم الأنصار، عن السدي.
وقيل: هم أهل اليمن، عن مجاهد، قال: قال رسول الله: " أتاكم أهل اليمن، هم ألين قلوبا، وأرق أفئدة، الايمان يماني، والحكمة يمانية ". وقال عياض بن غنم الأشعري: " لما نزلت هذه الآية، أومأ رسول الله إلى أبي موسى الأشعري، فقال:
هم قوم هذا ". وقيل: إنهم الفرس.
وروي أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم سئل عن هذه الآية، فضرب بيده على عاتق سلمان، فقال: " هذا وذووه "، ثم قال: " لو كان الدين معلقا بالثريا لتناوله رجال من أبناء فارس " وقيل: هم أمير المؤمنين علي عليه السلام وأصحابه، حين قاتل من قاتله من الناكثين، والقاسطين، والمارقين، وروي ذلك عن عمار، وحذيفة، وابن عباس، وهو المروي عن أبي جعفر، وأبي عبد الله عليه السلام.
ويؤيد هذا القول أن النبي وصفه بهذه الصفات المذكورة في الآية، فقال فيه، وقد ندبه لفتح خيبر، بعد أن رد عنها حامل الراية إليه، مرة بعد أخرى، وهو يجبن الناس ويجبنونه: " لأعطين الراية غدا رجلا، يحب الله ورسوله، ويحبه الله ورسوله، كرارا غير فرار، لا يرجع حتى يفتح الله على يده " ثم أعطاها إياه. فأما الوصف باللين على أهل الايمان، والشدة على الكفار، والجهاد في سبيل الله، مع أنه لا يخاف فيه لومة لائم، فمما لا يمكن أحدا دفع علي عن استحقاق ذلك، لما ظهر من شدته على أهل الشرك والكفر، ونكايته فيهم، ومقاماته المشهورة في تشييد الملة، ونصرة الدين، والرأفة بالمؤمنين.
ويؤيد ذلك أيضا إنذار رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قريشا بقتال علي لهم من بعده، حيث جاء سهيل بن عمرو في جماعة منهم، فقالوا له: يا محمد! إن أرقاءنا (1) لحقوا بك، فارددهم علينا. فقال رسول الله: لتنتهين يا معاشر قريش، أو ليبعثن الله عليكم رجلا، يضربكم على تأويل القرآن، كما ضربتكم على تنزيله! فقال له بعض أصحابه: من هو يا رسول الله أبو بكر؟ قال: لا (2). ولكنه خاصف النعل في