وما ذنبي! (إنما يتقبل الله من المتقين) للمعاصي، فأطلق للعلم بأن المراد أنها أحق ما يجب أن يخاف منه. قال ابن عباس: أراد إنما يتقبل الله ممن كان زاكي القلب، ورد عليك، لأنك لست بزاكي القلب، واستدل بهذا على أن طاعة الفاسق غير مقبولة، لكنها تسقط عقاب تركها، وهذا لا يصح لأن المعنى: إن الثواب إنما يستحقه من يوقع الطاعة، لكونها طاعة، فأما إذا فعلها لغير ذلك، فلا يستحق عليها ثوابا، ولا يمتنع على هذا أن يقع من الفاسق طاعة يوقعها على الوجه الذي يستحق عليه الثواب فيستحقه.
النظم: ووجه اتصال هذه الآية بما قبلها: إن الله تعالى أراد أن يبين أن حال اليهود في نقض العهد، وارتكاب الفواحش، كارتكاب ابن آدم في قتله أخاه، وما عاد عليه من الوبال بتعديه، فأمر نبيه صلى الله عليه وآله وسلم أن يتلو عليهم أخبارهما تسلية لنبيه صلى الله عليه وآله وسلم فيما ناله من جهلهم وتكذيبهم، وتبكيتا لليهود.
القصة: قالوا: إن حواء امرأة آدم، كانت تلد في كل بطن غلاما وجارية، فولدت أول بطن قابيل بن آدم، وقيل قابين وتوأمته إقليما بنت آدم، والبطن الثاني هابيل. وتوأمته لبوذا. فلما أدركوا جميعا، أمر الله تعالى أن ينكح آدم قابيل أخت هابيل، وهابيل أخت قابيل، فرضي هابيل، وأبى قابيل، لأن أخته كانت أحسنهما، وقال: ما أمر الله سبحانه بهذا، ولكن هذا من رأيك. فأمرهما آدم أن يقربا قربانا فرضيا بذلك.
فغدا هابيل، وكان صاحب ماشية، فأخذ من خير غنمه زبدا ولبنا، وكان قابيل صاحب زرع، فأخذ من شر زرعه، ثم صعدا فوضعا القربانين على الجبل، فأتت النار، فأكلت قربان هابيل، وتجنبت قربان قابيل، وكان آدم غائبا عنهما بمكة، خرج إليها ليزور البيت بأمر ربه.
فقال قابيل: لا عشت يا هابيل في الدنيا، وقد تقبل قربانك، ولم يتقبل قرباني، وتريد أن تأخذ أختي الحسناء، وآخذ أختك القبيحة!
فقال له هابيل: ما حكاه الله تعالى، فشدخه بحجر فقتله، روي ذلك عن أبي جعفر الباقر عليه السلام، وغيره من المفسرين. وكان سبب قبول قربان أحدهما دون الآخر أن قابيل لم يكن زاكي القلب، وقرب بشر ماله وأخسه، وقرب هابيل بخير ماله