عن خطاب موسى عليه السلام لقومه (ادخلوا الأرض المقدسة) وهي بيت المقدس، عن ابن عباس، والسدي، وابن زيد. وقيل: هي دمشق، وفلسطين، وبعض الأردن، عن الزجاج، والفراء. وقيل: هي الشام، عن قتادة. وقيل: هي أرض الطور، وما حوله، عن مجاهد. والمقدسة: المطهرة، طهرت من الشرك، وجعلت مكانا وقرارا للأنبياء والمؤمنين (التي كتب الله لكم) أي: كتب في اللوح المحفوظ انها لكم.
وقيل: معناه وهب الله لكم، عن ابن عباس. وقيل: معناه أمركم الله بدخولها، عن قتادة، والسدي.
فإن اعترض معترض فقال: كيف كتب الله لهم مع قوله فإنها محرمة عليهم؟
فجوابه: إنها كانت هبة من الله لهم، ثم حرمها عليهم، عن ابن إسحاق. وقيل:
إن المراد به الخصوص، وإن كان الكلام على العموم، فصار كأنه مكتوب لبعضهم، وحرام على البعض، والذين كتب الله لهم دخولها، هم الذين كانوا مع يوشع بن نون، بعد موت موسى عليه السلام بشهرين (ولا ترتدوا على أدباركم) أي: لا ترجعوا عن الأرض التي أمرتم بدخولها عن أكثر المفسرين. وقيل: لا ترجعوا عن طاعة الله إلى معصيته، عن الجبائي (فتنقلبوا خاسرين) الثواب في الآخرة، وإنما قال ذلك لأنهم كانوا أمروا بدخولها، كما أمروا بالصلاة وغيرها، عن قتادة، والسدي. وقيل: إنهم لم يؤمروا بذلك، فيكون المراد فتنقلبوا خاسرين حظكم في دخولها، كما يقال خسر في البيع فلان.
القصة: قال المفسرون: لما عبر موسى وبنو إسرائيل البحر، وهلك فرعون، أمرهم الله سبحانه بدخول الأرض المقدسة، فلما نزلوا على نهر الأردن، خافوا من الدخول، فبعث موسى من كل سبط رجلا، وهم الذين ذكرهم الله تعالى في قوله (وبعثنا منهم اثني عشر نقيبا) فعاينوا من عظم شأنهم وقوتهم، شيئا عجيبا، فرجعوا إلى بني إسرائيل، فأخبروا موسى عليه السلام بذلك، فأمرهم أن يكتموا ذلك، فوفى اثنان منهم: يوشع بن نون من سبط بن يامين، وقيل: إنه كان من سبط يوسف، وكالب بن يوفنا، من سبط يهوذا، وعصى العشرة، وأخبروا بذلك. وقيل: كتم الخمسة منهم، وأظهر الباقون، وفشا الخبر في الناس، فقالوا: إن دخلنا عليهم، تكون نساؤنا وأهالينا غنيمة لهم، وهموا بالانصراف إلى مصر، وهموا بيوشع وكالب، وأرادوا أن يرجموهما بالحجارة، فاغتاظ لذلك موسى، وقال: رب إني لا أملك إلا