علامة التأنيث في حمزة وقائمة، فإنها لا تلزم، فلذلك انصرف في النكرة. وقوله (خاسرين): منصوب على الحال من الواو في (فتنقلبوا).
المعنى: ثم ذكر سبحانه صنع اليهود في المخالفة لنبيهم، تسلية لنبينا صلى الله عليه وآله وسلم، ومخالفتهم إياه، فقال: (وإذ قال موسى لقومه) أي: واذكر يا محمد إذ قال موسى لهم (يا قوم اذكروا نعمة الله عليكم) وأياديه لديكم، وآلاءه فيكم (إذ جعل فيكم أنبياء) يخبرونكم بأنباء الغيب، وتنصرون بهم على الأعداء، ويبينون لكم الشرائع.
وقيل: هم الأنبياء الذين كانوا بعد موسى مقيمين فيهم إلى زمن عيسى، يبينون لهم أمر دينهم (وجعلكم ملوكا) بأن سخر لكم من غيركم خدما يخدمونكم، عن قتادة.
وقيل: إنما خاطبهم موسى بذلك لأنهم كانوا يملكون الدور والخدم، ولهم نساء وأزواج، وكل من ملك ذلك، ولا يدخل عليه إلا بأمره، فهو ملك، كائنا من كان، عن عبد الله بن عمر، وابن العاص، وزيد بن أسلم، والحسن. ويؤيد ذلك ما روي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: " من أصبح آمنا في سربه " (1)، معافى في بدنه، وعنده قوت يومه، فكأنما حيزت له الدنيا بحذافيرها ". وقيل: الملك هو الذي له ما يستغني به عن تكلف الاعمال، وتحمل المشاق، والتسكع في المعاش، عن أبي علي الجبائي. وقيل: إنهم جعلوا ملوكا بالمن، والسلوى، والحجر، والغمام، عن ابن عباس، ومجاهد. وقيل: لا يمتنع أن يكون الله سبحانه جعل لهم الملك والسلطان، ووسع عليهم التوسعة التي يكون بها الانسان ملكا، عن أبي القاسم البلخي.
(وآتاكم ما لم يؤت أحدا من العالمين) أي: أعطاكم ما لم يؤت أحدا من عالمي زمانهم، عن الحسن، والبلخي. وقيل: معناه أعطاكم من اجتماع هذه الأمور، وكثرة الأنبياء عليهم السلام، والآيات التي جاءتهم، وإنزال المن والسلوى عليهم، عن الزجاج، والجبائي. واختلفوا في المخاطب بقوله: (وآتاكم) فقيل: هم قوم موسى عليه السلام، عن ابن عباس، ومجاهد، وغيره، وهو الأظهر. وقيل: هم أمة النبي صلى الله عليه وآله وسلم، عن سعيد بن جبير، وأبي مالك.
ثم كلفهم سبحانه دخول الأرض المقدسة بعد ذكر النعم فقال (يا قوم) حكاية