المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا [115] اللغة: الشقاق: الخلاف مع العداوة. وشن العصا: أي فارق الجماعة.
والشق: النصف، وأصله من الشق، وهو القطع طولا. وسميت العداوة: مشاقة، لان أحد المتعاديين يصير في شق غير شق الآخر من أجل العداوة التي بينهما. ومنه الاشتقاق: فإنه قطع الفرع عن الأصل. نوله: من الولي، وهو القرب. يقال: ولي الشئ، يليه: إذا قرب منه. وكل ما يليك أي: ما يقاربك. والولي: المطر الذي يلي الوسمي (1).
النزول: قيل: نزلت في شأن ابن أبي أبيرق، سارق الدرع. ولما أنزل الله في تقريعه وتقريع قومه الآيات، كفر وارتد، ولحق بالمشركين من أهل مكة، ثم نقب حائطا للسرقة، فوقع عليه الحائط فقتله، عن الحسن. وقيل: إنه خرج من مكة نحو الشام، فنزل منزلا، وسرق بعض المتاع، وهرب فأخذ ورمي بالحجارة حتى قتل، عن الكلبي.
المعنى: لما بين سبحانه التوبة عقبه بذكر حال الإصرار، فقال: (ومن يشاقق الرسول) أي: من يخالف محمدا ويعاده (من بعد ما تبين له الهدى) أي: ظهر له الحق والإسلام، وقامت له الحجة، وصحت الأدلة بثبوت نبوته، ورسالته (ويتبع) طريقا (غير سبيل المؤمنين) أي: غير طريقهم الذي هو دينهم (نوله ما تولى) أي نكله إلى من انتصر به، واتكل عليه من الأوثان، وحقيقته: نجعله يلي ما اعتمده من دون الله أي: يقرب منه. وقيل: معناه نخلي بينه وبين ما اختاره لنفسه (ونصله) أي: نلزمه دخول (جهنم) عقوبة له على ما اختاره من الضلالة بعد الهدى (وساءت مصيرا) قد مر معناه.
وقد استدل بهذه الآية على أن إجماع الأمة حجة لأنه توعد على مخالفة سبيل المؤمنين، كما توعد على مشاقة الرسول. والصحيح أنه لا يدل على ذلك، لان ظاهر الآية يقتضي إيجاب متابعة من هو مؤمن على الحقيقة ظاهرا وباطنا، لان من أظهر الإيمان لا يوصف بأنه مؤمن إلا مجازا، فكيف يحمل ذلك على إيجاب متابعة من أظهر الايمان، وليس كل من أظهر الايمان مؤمنا، ومتى حملوا الآية على بعض