تقديره ولا تجادل أيها الانسان (عن الذين يختانون أنفسهم) أي: يخونون أنفسهم، ويظلمونها. أراد من سرق الدرع، ومن شاركه في السرقة والخيانة. وقيل: إنه أراد به قومه الذين مشوا معه إلى النبي، وشهدوا له بالبراءة، عما نسب إليه من السرقة.
وقيل: أراد به السارق وقومه، ومن هو في معناهم، وإنما قال (يختانون أنفسهم) وإن خانوا غيرهم، لأن ضرر خيانتهم، كأنه راجع إليهم، لاحق بهم، كما تقول لمن ظلم غيره: ما ظلمت إلا نفسك، وكقوله تعالى: (إن أحسنتم أحسنتم لأنفسكم). (إن الله لا يحب من كان خوانا أثيما): هو فعال الخيانة أي: من كان كثير الخيانة، وقد ألفها واعتادها، وقد يطلق الخوان على الخائن في شئ واحد، إذا عظمت تلك الخيانة. والأثيم: فاعل الإثم. وقيل معناه: لا يحب من كان خوانا، إذا سرق الدرع، وأثيما إذا رمى به اليهودي. وقال ابن عباس في معنى الآية: لا تجادل عن الذين يظلمون أنفسهم بالخيانة، ويرمون بالخيانة غيرهم، يريد به سارق الدرع سرق الدرع، ورمى بالسرقة اليهودي، فصار خائنا بالسرقة، أثيما في رميه غيره بها (يستخفون من الناس) أي: يكتمون عن الناس (ولا يستخفون من الله وهو معهم) يعني الذين مشوا في الدفع عن ابن أبيرق، ومعناه: يتسترون عن الناس بمعاصيهم في أخذ الأموال، لئلا يفتضحوا في الناس، ولا يتسترون من الله، وهو مطلع عليهم. وقيل معناه: يستحيون من الناس، ولا يستحيون من الله وعلمه معهم.
فيكون معناه: يخفون الخيانة عن الناس، ويطلبون إخفاءها حياء منهم، ولا يتركونها حياء من الله، وهو عالم بأفعالهم (إذ يبيتون ما لا يرضى من القول) أي:
يدبرون بالليل قولا لا يرضاه الله. وقيل: يغيرون القول من جهته، ويكذبون فيه.
وقيل: إنه قول ابن أبيرق في نفسه بالليل، أرمي بهذا الدرع في دار اليهودي، ثم أحلف أني برئ منه، فيصدقني المسلمون، لأني على دينهم، ولا يصدقون اليهودي، لأنه ليس على دينهم. وقيل: إنه رمى بالدرع إلى دار لبيد بن سهل.
(وكان الله بما يعملون محيطا) قال الحسن: حفيظا لأعمالهم. وقال غيره:
عالما بأعمالهم، لا يخفى عليه شئ منها.
وفي هذه الآية تقريع بليغ لمن يمنعه حياء الناس وحشمتهم، عن ارتكاب القبائح، ولا يمنعه خشية الله عن ارتكابها، وهو سبحانه أحق أن يراقب، وأجدر أن