بحديدة حادة كالسلاح، أو بخنق، أو سم، أو إحراق، أو تغريق، أو موالاة ضرب بالعصا، أو بالحجارة، حتى يموت، فإن جميع ذلك عمد، يوجب القود، وبه قال إبراهيم، والشافعي، وأصحابه. وقال قوم: لا يكون قتل العمد إلا بالحديد، وبه قال سعيد بن المسيب، وطاووس، وأبو حنيفة، وأصحابه.
وأما القتل شبيه العمد فهو أن يضرب بعصا، أو غيرها مما لم تجر العادة بحصول الموت عنده، فيموت، ففيه الدية مغلظة تلزم القاتل خاصة في ماله، دون العاقلة.
وفي هذه الآية وعيد شديد لمن قتل مؤمنا متعمدا، حرم الله به قتل المؤمن، وغلظ فيه. وقال جماعة من التابعين: الآية اللينة وهي (إن الله لا يغفر أن يشرك به، ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء) نزلت بعد الشديدة، وهي: (ومن يقتل مؤمنا متعمدا) وقال أبو مجلز في قوله (فجزاؤه جهنم خالدا فيها): فهي جزاؤه إن جازاه، ويروى هذا أيضا عن أبي صالح، ورواه أيضا العياشي بإسناده عن أبي عبد الله عليه السلام، وقد روي أيضا، مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: " هو جزاؤه إن جازاه ". وروى عاصم بن أبي النجود، عن ابن عباس في قوله (فجزاؤه جهنم) قال: " هي جزاؤه، فإن شاء عذبه، وإن شاء غفر له ".
وروي عن أبي صالح، وبكر بن عبد الله، وغيره أنه كما يقول الانسان لمن يزجره عن أمره، إن فعلته فجزاؤك القتل والضرب، ثم إن لم يجازه بذلك لم يكن ذلك منه كذبا. واعترض على هذا أبو علي الجبائي فقال: ما لا يفعل، لا يسمى جزاء. ألا ترى أن الأجير إذا استحق الأجرة، فالدراهم التي مع مستأجره، لا تسمى بأنها جزاء عمله، وهذا لا يصح، لان الجزاء عبارة عن المستحق سواء فعل ذلك، أو لم يفعل، ولهذا يقال جزاء المحسن الإحسان، وجزاء المسئ الإساءة، وإن لم يتعين المحسن والمسئ، حتى يقال إنه فعل ذلك به، أو لم يفعل، ويقال لمن قتل غيره جزاء هذا أن يقتل، وإنما لا يقال للدراهم إنها جزاء الأجير، لأن الأجير إنما يستحق الأجرة في الذمة، لا في دراهم معينة، فللمستأجر أن يعطيه منها ومن غيرها.
ومن تعلق بهذه الآية من أهل الوعيد، في أن مرتكب الكبيرة لا بد أن يخلد في النار، فإنا نقول له: ما أنكرت أن يكون المراد به من لا ثواب له أصلا، بأن يكون