التبين قد يكون أشد من التثبت، وقد جاء التبين من الله، والعجلة من الشيطان، فمقابلة التبين بالعجلة، دلالة على تقارب التثبت والتبين، قال الشاعر في موضع التوقف والزجر:
أزيد مناة توعد يا ابن تيم * تبين أين تاه بك الوعيد (1) قال: ومن قرأ: السلام احتمل ضربين أحدهما: أن يكون بمعنى التحية، أي ولا تقولوا لمن حياكم بتحية المسلمين إنما قالها تعوذا، ولكن إرفعوا السيف عنه.
والآخر: أن يكون المعنى: لا تقولوا لمن لا يقاتلكم لست مؤمنا. قال أبو الحسن:
يقال فلان سلام، إذا كان لا يخالط أحدا.
ومن قرأ (السلم) أراد الانقياد والاستسلام إلى المسلمين، ومنه قوله (وألقوا إلى الله يومئذ السلم): أي استسلموا لامره، ولما يراد منهم. ومن قرأ (السلم) بكسر السين. فمعناه: الاسلام مصدر أسلم: أي صار سلما، وخرج عن أن يكون حربا. ومن قرأ (مؤمنا) فإنه من الأمان، ومعناه: لا تقولوا لمن استسلم لكم لسنا نؤمنكم.
اللغة: جميع متاع الدنيا عرض، يقال: إن الدنيا عرض حاضر، ويقال لكل شئ يقل لبثه: عرض. ومنه العرض: الذي هو خلاف الجوهر عند المتكلمين، لأنه ما لا يجب له من اللبث ما يجب للأجسام. والعرض: ما يعرض للانسان من مرض، أو غيره.
الإعراب: (تبتغون): في موضع نصب على الحال من الواو في (تقولوا).
والكاف: من (كذلك) في موضع نصب، بكونه خبر كان من (كنتم).
النزول: قيل: نزلت في أسامة بن زيد وأصحابه، بعثهم النبي في سرية، فلقوا رجلا قد انحاز بغنم له إلى جبل، وكان قد أسلم، فقال لهم: السلام عليكم.
لا إله إلا الله، محمد رسول الله. فبدر إليه أسامة فقتله، واستاقوا غنمه، عن السدي. وروي عن ابن عباس، وقتادة أنه لما نزلت الآية، حلف أسامة أن لا يقتل رجلا، قال لا إله إلا الله. وبهذا اعتذر إلى علي لما تخلف عنه، وإن كان عذره غير مقبول، لأنه قد دل الدليل على وجوب طاعة الامام في محاربة من حاربه من البغاة،