التخفيف من الله، لان الله إنما جوز للقاتل العدول إلى الصيام، تخفيفا عليه، ويكون كقوله تعالى: (علم أن لن تحصوه فتاب عليكم) (وكان الله عليما): أي لم يزل عليما بكل شئ (حكيما) فيما يأمر به وينهى عنه.
وأما الدية الواجبة في قتل الخطأ فمائة من الإبل، إن كانت العاقلة من أهل الإبل، بلا خلاف، وإن اختلفوا في أسنانها، فقيل: هي أرباع: عشرون بنت مخاض، وعشرون ابن لبون ذكر، وثلاثون بنت لبون، وثلاثون حقة، وروي ذلك عن عثمان، وزيد بن ثابت، ورواه أصحابنا أيضا، وقد روي أيضا في أخبارنا خمس وعشرون، بنت مخاض، وخمس وعشرون بنت لبون، وخمس وعشرون حقة، وخمس وعشرون جذعة وبه قال الحسن، والشعبي. وقيل: إنها أخماس: عشرون حقة، وعشرون جذعة، وعشرون بنت لبون، وعشرون ابن لبون، وعشرون بنت مخاض، وهذا قول ابن مسعود، وابن عباس، والزهري، والثوري، وإليه ذهب الشافعي. وقال أبو حنيفة: هي أخماس أيضا، إلا أنه جعل مكان ابن لبون ابن مخاض، وبه قال النخعي، ورووه أيضا عن ابن مسعود. قال. الطبري: هذه الروايات متكافئة، والأولى التخيير.
فأما الدية من الذهب، فألف دينار، ومن الورق (1) عشرة آلاف درهم، وهو الأصح. وقيل: اثنا عشر ألفا، ودية الخطأ تتأدى في ثلاث سنين، ولو خلينا وظاهر الآية، لقلنا: إن دية الخطأ على القاتل، لكن علمنا بسنة الرسول والاجماع، أن الدية في الخطأ على العاقلة، وهم الإخوة، وبنو الإخوة، والأعمام، وبنو الأعمام، وأعمام الأب، وأبناؤهم، والموالي، وبه قال الشافعي وقال أبو حنيفة: يدخل الوالد والولد فيها، ويعقل القاتل. وقد روى ابن مسعود عن النبي أنه قال: " لا يؤخذ الرجل بجريرة ابنه، ولا الابن بجريرة أبيه ".
وليس إلزام الدية للعاقلة على سبيل مؤاخذة البرئ بالسقيم، لان ذلك ليس بعقوبة، بل هو حكم شرعي تابع للمصلحة، وقد قيل: إن ذلك على سبيل المؤاساة والمعاونة.
النظم: إنه تعالى ذكر الكفار، وأمر بقتلهم، ثم ذكر من كان بينهم وبين