فيكون مصدرا مثل كتاب الله عليكم، وقد مر ذكره.
النزول: نزلت في عياش بن أبي ربيعة المخزومي، أخي أبي جهل لامه، لأنه كان أسلم، وقتل بعد إسلامه رجلا مسلما، وهو لا يعلم إسلامه. والمقتول:
الحارث بن يزيد بن أنسة العامري، عن مجاهد، وعكرمة، والسدي، قال: قتله بالحرة بعد الهجرة، وكان من أحد من رده عن الهجرة، وكان يعذب عياشا مع أبي جهل، وهو المروي عن أبي جعفر. وقيل: نزلت في رجل قتله أبو الدرداء، كان في سرية، فعدل أبو الدرداء إلى شعب يريد حاجة، فوجد رجلا من القوم في غنم له، فحمل عليه بالسيف، فقال: لا إله إلا الله، فبدر فضربه، ثم جاء بغنمه إلى القوم، ثم وجد في نفسه شيئا، فأتى رسول الله، فذكر ذلك له، فقال رسول الله:
ألا شققت عن قلبه، وقد أخبرك بلسانه، فلم تصدقه؟! قال: كيف بي يا رسول الله؟ فقال: فكيف بلا إله إلا الله؟ قال أبو الدرداء: فتمنيت أن ذلك اليوم مبتدأ إيماني، فنزلت الآية، عن ابن زيد.
المعنى: (وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمنا إلا خطأ) معناه: ما أذن الله، ولا أباح لمؤمن، فيما عهد إليه، أن يقتل مؤمنا إلا أن يقتله خطأ، عن قتادة، وغيره.
وقيل: معناه ما كان له كما ليس له الآن، قتل مؤمن، إلا أن يقع القتل خطأ.
وقيل: تقديره وما كان مؤمن ليقتل مؤمنا، إلا خطأ كقوله (ما كان لله أن يتخذ من ولد) معناه: ما كان الله ليتخذ ولدا، وقوله (ما كان لكم أن تنبتوا شجرها): أي ما كنتم لتنبتوا شجرها، وإنما قلنا: إن معناه ما ذكرنا، لان الله لا يلحقه الأمر والنهي، وإنبات الشجر لا يدخل تحت قدرة العبد، فلا يصح النهي عنه. فمعنى الآية على ما وصفناه: ليس من صفة المؤمن أن يقتل مؤمنا إلا خطأ، وعلى هذا يكون الاستثناء متصلا، ومن قال: إن الاستثناء منقطع، قال: قد تم الكلام عند قوله (أن يقتل مؤمنا) ثم قال: فإن كان القتل خطأ، فحكمه كذا، وإنما لم يحمل قوله إلا خطأ على حقيقة الاستثناء، لان ذلك يؤدي إلى الامر بقتل الخطأ، أو إباحته، ولا يجوز واحد منهما. والخطأ: هو أن يريد شيئا فيصيب غيره، مثل أن يرمي إلى غرض، أو إلى صيد، فيصيب إنسانا فيقتله. وكذلك لو قتل رجلا ظنه كافرا، كما ظن عياش بن أبي ربيعة، وأبو الدرداء، على ما قلناه قبل.
(ومن قتل مؤمنا خطأ فتحرير رقبة مؤمنة) أي: فعليه إعتاق رقبة مؤمنة في