من القوت، فإنه يقوته قوتا، إذا أعطاه ما يمسك به رمقه. والمقيت: المقتدر، لاقتداره على ذلك. وأقات، يقيت إقاتة، وينشد للزبير بن عبد المطلب:
وذي ضغن كففت النفس عنه * وكنت على مساءته مقيتا فهذه لغة قريش.
المعنى: (من يشفع شفاعة حسنة) قيل فيه أقوال أحدها: إن معناه من يصلح بين اثنين (يكن له نصيب منها) أي يكن له أجر منها (ومن يشفع شفاعة سيئة) أي يمشي بالنميمة (يكن له كفل منها): أي إثم منها، عن الكلبي، عن ابن عباس.
وثانيها: إن الشفاعة الحسنة، والشفاعة السيئة، شفاعة الناس بعضهم لبعض، عن مجاهد، والحسن قال: ما يجوز في الدين أن يشفع فيه، فهو شفاعة حسنة، وما لا يجوز أن يشفع فيه فهو شفاعة سيئة. قال: ومن يشفع شفاعة حسنة، كان له فيها أجر وثواب، وإن لم يشفع لان الله قال (ومن يشفع) ولم يقل: ومن يشفع، ويؤيد هذا قوله: (إشفعوا تؤجروا) وقوله: (من حالت شفاعته دون حد من حدود الله، فقد ضاد الله في ملكه، ومن أعان على خصومه بغير علم، كان في سخط الله حتى ينزع).
وثالثها: إن المراد بالشفاعة الحسنة: الدعاء للمؤمنين، وبالشفاعة السيئة: الدعاء عليهم، عن أبي علي الجبائي، قال: لأن اليهود كانت تفعل ذلك، فتوعدهم الله عليه. ورابعها: ما قاله بعضهم: إن المراد بالشفاعة هنا أن يصير الانسان شفع صاحبه في جهاد عدوه، فيحصل له من هذه الشفاعة نصيب في العاجل من الغنيمة، والظفر، وفي الآجل من الثواب المنتظر. وان صار شفعا له في معصية، أو شر، حصل له نصيب من المذمة في العاجل، والعقوبة في الآجل. والكفل: الوزر، عن الحسن، وقتادة، وهو النصيب، والحظ، عن السدي، والربيع، وجميع أهل اللغة، فكأنه النصيب من الشر.
(وكان الله على كل شئ مقيتا) قيل في معنى المقيت أقوال أحدها: إنه المقتدر، عن السدي، وابن زيد. وثانيها: الحفيظ الذي يعطي الشئ قدر الحاجة من الحفظ، عن ابن عباس. وثالثها: الشهيد عن مجاهد. ورابعها: الحسيب، عنه أيضا. وخامسها: المجازي عن أبي علي الجبائي: أي يجازي على كل شئ من الحسنات والسيئات.
النظم: وجه اتصال هذه الآية بما قبلها أنه سبحانه لما قال (لا تكلف إلا