يا بيت عاتكة الذي أتعزل * حذر العدى وبه الفؤاد موكل (1) وسميت المعتزلة معتزلة: لاعتزالهم مجلس الحسن البصري، بعد أن كانوا من أهله، وذلك أن واصل بن عطاء، لما أظهر القول بالمنزلة بين المنزلتين، وتابعه عمرو بن عبيد على التدين به، ووافقهم جماعة على هذا المذهب، فآل الامر بهم إلى الاعتزال للحسن البصري وأصحابه، فسماهم الناس معتزلة، وجرى عليهم ذلك الاسم.
الاعراب: (حصرت صدورهم): في موضع نصب على الحال، وقد مضمرة معه لان الفعل الماضي لا يكون حالا، حتى يكون معه قد إما مضمرة، أو مظهرة، فإن قد تقرب الماضي من الحال، فتقديره: جاؤوكم قد حصرت صدورهم، كما قالوا: جاء فلان ذهب عقله: أي قد ذهب عقله. ويجوز أي يكون (حصرت صدورهم) منصوب الموضع، بأنه صفة لموصوف، هو حال على تقدير جاؤوكم قوم حصرت صدورهم، فحذف الموصوف المنصوب على الحال، وأقيم صفته مقامه، وإنما جاز أن يكون هذا حالا، لأنه بمنزلة قولك أو جاؤوكم موصوفين بحصر الصدور، أو معروفين بذلك.
المعنى: لما أمر تعالى المؤمنين بقتال الذين لا يهاجرون عن بلاد الشرك، وإن لم يوالوهم، استثنى من جملتهم فقال: (إلا الذين يصلون إلى قوم بينكم وبينهم ميثاق) معناه: إلا من وصل من هؤلاء إلى قوم بينكم وبينهم موادعة، وعهد، فدخلوا فيهم بالحلف أو الجوار، فحكمهم حكم أولئك في حقن دمائهم، واختلف في هؤلاء:
فالمروي عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال: المراد بقوله تعالى (قوم بينكم وبينهم ميثاق) هو هلال بن عويمر السلمي، واثق عن قومه رسول الله، فقال في موادعته:
(على أن لا تحيف يا محمد من أتانا، ولا نحيف من أتاك ". فنهى الله أن يتعرض لأحد عهد إليهم، وبه قال السدي، وابن زيد. وقيل: هم بنو مدلج، وكان سراقة بن مالك بن جعشم المدلجي، جاء إلى النبي بعد أحد، فقال: أنشدك الله والنعمة. وأخذ منه ميثاقا أن لا يغزو قومه، فإن أسلم قريش أسلموا، لأنهم كانوا في