(ولو ردوه إلى الرسول) المعنى: ولو سكتوا إلى أن يظهره الرسول (وإلى أولي الامر منهم) قال أبو جعفر عليه السلام: " هم الأئمة المعصومون ". وقال السدي، وابن زيد، وأبو علي، والجبائي: هم أمراء السرايا والولاة. وقال الحسن، وقتادة، وغيرهم: إنهم أهل العلم والفقه، الملازمون للنبي، لأنهم لو سألوه عن حقيقة ما أرجفوا به، لعلموه. واختاره الزجاج، وأنكر أبو علي الجبائي هذا الوجه، وقال:
" إنما يطلق أولو الامر على من له الامر على الناس ". (لعلمه الذين يستنبطونه): أي لعلم ذلك الخبر الذين يستخرجونه، عن الزجاج. وقيل: يتحسسونه، عن ابن عباس، وأبي العالية. وقيل: يبتغونه ويطلبون علم ذلك، عن الضحاك. وقيل:
يسألون عنه، عن عكرمة. قال: استنباطهم: سؤالهم الرسول عنه.
وجميع هذه الأقوال متقاربة المعنى (منهم) قيل: إن الضمير في (منهم) يعود إلى (أولي الامر) وهو الأظهر. وقيل: يعود إلى الفرقة المذكورة من المنافقين، أو الضعفة (ولولا فضل الله عليكم ورحمته): أي لولا إيصال مواد الألطاف من جهة الله. وقيل: فضل الله: الاسلام، ورحمته: القرآن، عن ابن عباس. وقيل: فضل الله: النبي، ورحمته: القرآن، عن الضحاك، والسدي، وهو اختيار الجبائي. وروي عن أبي جعفر، وأبي عبد الله عليهما السلام: " فضل الله ورحمته، النبي وعلي " (لاتبعتم الشيطان إلا قليلا) قيل فيه أقوال أحدها: إن في الكلام تقديما وتأخيرا، والاستثناء من قوله (أذاعوا به)، عن ابن عباس. فيكون معناه: أذاعوا به إلا قليلا، وهو اختيار المبرد، والكسائي، والفراء، والبلخي، والطبري، قالوا: وهذا أولى لان الإذاعة أكثر من الاستنباط. وثانيها: إن الاستثناء من قوله (لعلمه الذين يستنبطونه منهم) إلا قليلا ويكون تقديره ولو ردوه إلى الرسول، وإلى أولي الامر منهم، لعلمه الذين يستنبطونه إلا قليلا، عن أكثر أهل اللغة. وثالثها: إن المراد: (ولولا فضل الله عليكم ورحمته لاتبعتم الشيطان إلا قليلا) منكم على الظاهر، من غير تقديم ولا تأخير، وهذا كما اتبع الشيطان من كان قبل بعثة النبي، إلا قليلا منهم. لم يتبعوه، واهتدوا بعقولهم، لترك عبادة الأوثان، بغير رسول، ولا كتاب، وآمنوا بالله ووحدوه، مثل قس بن ساعدة، وزيد بن عمرو بن نفيل، وورقة بن نوفل، والبراء (1) الشني، وأبي ذر الغفاري، وطلاب