في الحضر قاله عتبان بن مالك عن النبي صلى الله عليه و سلم) كأنه يشير إلى ما رواه أحمد من طريق الزهري عن محمود بن الربيع عن عتبان بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه و سلم صلى في بيته سبحة الضحى فقاموا وراءه فصلوا بصلاته أخرجه عن عثمان بن عمر عن يونس عنه و قد أخرجه مسلم من رواية ابن وهب عن يونس مطولا لكن ليس فيه ذكر السبحة و كذلك أخرجه المصنف مطولا و مختصرا في مواضع و سيأتي بعد بابين (قوله حدثنا عباس) بالموحدة و المهملة و الجريري بضم الجيم (قوله أوصاني خليلي) الخليل الصديق الخالص الذي تخللت محبته القلب فصارت في خلاله أي في باطنه و اختلف هل الخلة أرفع من المحبة أو بالعكس و قول أبي هريرة هذا لا يعارضه ما تقدم من قوله صلى الله عليه و سلم لو كنت متخذا خليلا لاتخذت أبا بكر لأن الممتنع أن يتخذ هو صلى الله عليه و سلم غيره خليلا لا العكس و لا يقال أن المخاللة لا تتم حتى تكون من الجانبين لأنا نقول إنما نظر الصحابي إلى أحد الجانبين فأطلق ذلك أو لعله أراد مجرد الصحبة أو المحبة (قوله بثلاث لا ادعهن حتى أموت) يحتمل أن يكون قوله لا ادعهن الخ من جملة الوصية أي أوصاني أن لا ادعهن و يحتمل أن يكون من أخبار الصحابي بذلك عن نفسه (قوله صوم ثلاثة أيام) بالخفض بدل من قوله بثلاث و يجوز الرفع على أنه خبر مبتدأ محذوف (قوله من كل شهر) الذي يظهر أن المراد بها البيض و سيأتي تفسيرها في كتاب الصوم (قوله و صلاة الضحى) زاد أحمد في روايته كل يوم و سيأتي في الصيام من طريق أبي التياح عن أبي عثمان بلفظ و ركعتي الضحى قال ابن دقيق العيد لعله ذكر الأقل الذي يوجد التأكيد بفعله و في هذا دلالة على استحباب صلاة الضحى و أن أقلها ركعتان و عدم مواظبة النبي صلى الله عليه و سلم على فعلها لا ينافي استحبابها لأنه حاصل بدلالة القول و ليس من شرط الحكم أن تتضافر عليه أدلة القول و الفعل لكن ما واظب النبي صلى الله عليه و سلم على فعله مرجح على ما لم يواظب عليه (قوله و نوم على وتر) في رواية أبي التياح و أن أوتر قبل أن أنام و فيه استحباب تقدم الوتر على النوم و ذلك في حق من لم يثق بالاستيقاظ و يتناول من يصلي بين النومين و هذه الوصية لأبي هريرة ورد مثلها لأبي الدرداء فيما رواه مسلم و لأبي ذر فيما رواه النسائي و الحكمة في الوصية على المحافظة على ذلك تمرين النفس على جنس الصلاة و الصيام ليدخل في الواجب منهما بانشراح و لينجبر ما لعله يقع فيه من نقص و من فوائد ركعتي الضحى أنها تجزئ عن الصدقة التي تصبح على مفاصل الإنسان في كل يوم و هي ثلاثمائة و ستون مفصلا كما أخرجه مسلم من حديث أبي ذر و قال فيه و يجزئ عن ذلك ركعتا الضحى و حكى شيخنا الحافظ أبو الفضل بن الحسين في شرح الترمذي أنه اشتهر بين العوام أن من صلى الضحى ثم قطعها يعمى فصار كثير من الناس يتركونها أصلا لذلك و ليس لما قالوه أصل بل الظاهر أنه مما ألقاه الشيطان على السنة العوام ليحرمهم الخير الكثير لا سيما ما وقع في حديث أبي ذر * (تنبيهان) * الأول اقتصر في الوصية للثلاثة المذكورين على الثلاثة المذكورة لأن الصلاة و الصيام أشرف العبادات البدنية و لم يكن المذكورون من أصحاب الأموال و خصت الصلاة بشيئين لأنها تقع ليلا و نهارا بخلاف الصيام (الثاني) ليس في حديث أبي هريرة تقييد بسفر و لا حضر و الترجمة مختصة بالحضر لكن الحديث يتضمن الحضر لأن إرادة الحضر فيه ظاهرة و حمله على الحضر و السفر ممكن و أما حمله على السفر دون الحضر فبعيد لأن السفر مظنة التخفيف
(٤٧)