فإذا عبد الله بن عمر جالس إلى حجرة عائشة و إذا ناس يصلون الضحى فسألناه عن صلاتهم فقال بدعة و روى ابن أبي شيبة بإسناد صحيح عن الحكم بن الأعرج عن الأعرج قال سألت ابن عمر عن صلاة الضحى فقال بدعة و نعمت البدعة و روى عبد الرزاق بإسناد صحيح عن سالم عن أبيه قال لقد قتل عثمان و ما أحد يسبحها و ما أحدث الناس شيئا أحب إلي منها و روى ابن أبي شيبة بإسناد صحيح عن الشعبي عن ابن عمر قال ما صليت الضحى منذ أسلمت الا أن أطوف بالبيت أي فأصلي في ذلك الوقت لا على نية صلاة الضحى بل على نية الطواف و يحتمل أنه كان ينويهما معا و قد جاء عن ابن عمر أنه كان يفعل ذلك في وقت خاص كما سيأتي بعد سبعة أبواب من طريق نافع أن ابن عمر كان لا يصلي الضحى الا يوم يقدم مكة فإنه كان يقدمها ضحى فيطوف بالبيت ثم يصلي ركعتين و يوم يأتي مسجد قباء و روى ابن خزيمة من وجه آخر عن نافع عن ابن عمر كان النبي صلى الله عليه و سلم لا يصلي الضحى الا أن يقدم من غيبة فأما مسجد قباء فقال سعيد بن منصور حدثنا ابن عيينة عن عبد الله بن دينار أن ابن عمر كان لا يصلي الضحى الا أن يأتي قباء و هذا يحتمل أيضا أن يريد به صلاة تحيه المسجد في وقت الضحى لا صلاة الضحى و يحتمل أن يكون ينويهما معا كما قلناه في الطواف و في الجملة ليس في أحاديث ابن عمر هذه ما يدفع مشروعية صلاة الضحى لأن نفيه محمول على عدم رؤيته لا على عدم الوقوع في نفس الأمر أو الذي نفاه صفة مخصوصة كما سيأتي نحوه في الكلام على حديث عائشة قال عياض و غيره إنما أنكر ابن عمر ملازمتها و اظهارها في المساجد و صلاتها جماعة لا أنها مخالفه للسنة و يؤيده ما رواه ابن أبي شيبة عن ابن مسعود أنه رأى قوما يصلونها فأنكر عليهم و قال أن كان و لا بد ففي بيوتكم (قوله ما حدثنا أحد) في رواية ابن أبي شيبة من وجه آخر عن ابن أبي ليلى أدركت الناس وهم متوافرون فلم يخبرني أحد أن النبي صلى الله عليه و سلم صلى الضحى الا أم هانئ و لمسلم من طريق عبد الله بن الحارث الهاشمي قال سألت و حرصت على أن أجد أحدا من الناس يخبرني أن النبي صلى الله عليه و سلم سبح سبحة الضحى فلم أجد غير أم هانئ بنت أبي طالب حدثتني فذكر الحديث و عبد الله بن الحارث هذا هو ابن نوفل بن الحارث بن عبد المطلب مذكور في الصحابة لكونه ولد على عهد النبي صلى الله عليه و سلم و بين بن ماجة في روايته وقت سؤال عبد الله بن الحارث عن ذلك و لفظه سألت في زمن عثمان و الناس متوافرون (قوله غير) بالرفع لأنه بدل من قوله أحد (قوله أم هانئ) هي بنت أبي طالب أخت على شقيقته و ليس لها في البخاري سوى هذا و حديث آخر تقدم في الطهارة (قوله دخل بيتها يوم فتح مكة فاغتسل وصلى) ظاهره أن الاغتسال وقع في بيتها و وقع في الموطأ و مسلم من طريق أبي مرة عن أم هانئ أنها ذهبت إلى النبي صلى الله عليه و سلم و هو بأعلى مكة فوجدته يغتسل و جمع بينهما بان ذلك تكرر منه و يؤيده ما رواه ابن خزيمة من طريق مجاهد عن أم هانئ و فيه أن أبا ذر ستره لما اغتسل و أن في رواية أبي مرة عنها أن فاطمة بنته هي التي سترته و يحتمل أن يكون نزل في بيتها بأعلى مكة و كانت هي في بيت آخر بمكة فجاءت إليه فوجدته يغتسل فيصح القولان و أما الستر فيحتمل أن يكون أحدهما ستره في ابتداء الغسل و الآخر في أثنائه و الله أعلم (قوله ثمان ركعات) زاد كريب عن أم هانئ فسلم من كل ركعتين أخرجه ابن خزيمة و فيه رد على من تمسك به في صلاتها موصولة سواء صلى ثمان ركعات أو أقل و في الطبراني
(٤٣)