شعبة بلفظ فإنك خلو من مصيبتي و هو بكسر المعجمة و سكون اللام و لمسلم ما تبالي بمصيبتي و لأبي يعلى من حديث أبي هريرة أنها قالت يا عبد الله إني أنا الحري الثكلى و لو كنت مصابا عذرتني (قوله و لم تعرفه) جملة حالية أي خاطبته بذلك و لم تعرف أنه رسول الله (قوله فقيل لها) في رواية الأحكام فمر بها رجل فقال لها أنه رسول الله فقالت ما عرفته و في رواية أبي يعلى المذكورة قال فهل تعرفينه قالت لا و للطبراني في الأوسط من طريق عطية عن أنس أن الذي سألها هو الفضل بن العباس و زاد مسلم في رواية له فأخذها مثل الموت أي من شدة الكرب الذي أصابها لما عرفت أنه صلى الله عليه و سلم خجلا منه و مهابة (قوله فلم تجد عنده بوابين) في رواية الأحكام بوابا بالافراد قال الزين بن المنير فائدة هذه الجملة من هذا الخبر بيان عذر هذه المرأة في كونها لم تعرفه و ذلك أنه كان من شأنه أن لا يتخذ بوابا مع قدرته على ذلك تواضعا وكان من شأنه أنه لا يستتبع الناس و راءه إذا مشى كما جرت عادة الملوك و الأكابر فلذلك اشتبه على المرأة فلم تعرفه مع ما كانت فيه من شاغل الوجد و البكاء و قال الطيبي فائدة هذه الجملة أنه لما قيل لها أنه النبي صلى الله عليه و سلم استشعرت خوفا و هيبة في نفسها فتصورت أنه مثل الملوك له حاجب و بواب يمنع الناس من الوصول إليه فوجدت الأمر بخلاف ما تصورته (قوله فقالت لم أعرفك في حديث أبي هريرة فقالت و الله ما عرفتك (قوله إنما الصبر عند الصدمة الأولى) في رواية الأحكام عند أول صدمة و نحوه مسلم و المعنى إذا وقع الثبات أول شئ يهجم على القلب من مقتضيات الجزع فذلك هو الصبر الكامل الذي يترتب عليه الأجر و أصل الصدم ضرب الشئ الصلب بمثله فاستعير للمصيبة الواردة على القلب قال الخطابي المعنى أن الصبر الذي يحمد عليه صاحبه ما كان عند مفاجأة المصيبة بخلاف ما بعد ذلك فإنه على الأيام يسلو و حكى الخطابي عن غيره أن المرء لا يؤجر على المصيبة لأنها ليست من صنعه و إنما يؤجر على حسن تثبته و جميل صبره و قال ابن بطال أراد أن لا يجتمع عليها مصيبة الهلاك و فقد الأجر و قال الطيبي صدر هذا الجواب منه صلى الله عليه و سلم عن قولها لم أعرفك على أسلوب الحكيم كأنه قال لها دعي الاعتذار فإني لا اغضب لغير الله و انظري لنفسك و قال الزين بن المنير فائدة جواب المرأة بذلك أنها لما جاءت طائعة لما أمرها به من التقوى و الصبر معتذرة عن قولها الصادر عن الحزن بين لها أن حق هذا الصبر أن يكون في أول الحال فهو الذي يترتب عليه الثواب انتهى و يؤيده أن في رواية أبي هريرة المذكورة فقالت أنا أصبر أنا أصبر و في مرسل يحيى ابن أبي كثير المذكور فقال اذهبي إليك فإن الصبر عند الصدمة الأولى و زاد عبد الرزاق فيه من مرسل الحسن و العبرة لا يملكها ابن آدم و ذكر هذا الحديث في زيارة القبور مع احتمال أن تكون المرأة المذكورة تأخرت بعد الدفن عند القبر و الزيارة إنما تطلق على من أنشأ إلى القبر قصدا من جهة استواء الحكم في حقها حيث أمرها بالتقوى و الصبر لما رأى من جزعها و لم ينكر عليها الخروج من بيتها فدل على أنه جائز و هو أعم من أن يكون خروجها لتشييع ميتها فأقامت عند القبر بعد الدفن أو أنشأت قصد زيارته بالخروج بسبب الميت و في هذا الحديث من الفوائد غير ما تقدم ما كان فيه عليه الصلاة و السلام من التواضع و الرفق بالجاهل و مساحة المصاب و قبول اعتذاره و ملازمة الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر و فيه أن القاضي لا ينبغي له أن
(١١٩)