هذا أن تكون القصة تعددت لزينب مع أم حبيبة عند وفاة أخيها يزيد ثم عند وفاة أبيها أبي سفيان لا مانع من ذلك و الله أعلم (قوله بصفرة) في رواية مالك المذكورة بطيب فيه صفرة خلوق و زاد فيه فدهنت منه جارية ثم مست بعارضيها أي بعارضي نفسها (قوله حدثنا إسماعيل) هو بن أبي أويس بن أخت مالك و ساق الحديث هنا من طريق مالك مختصرا و أورده مطولا من طريقه في العدد كما سيأتي (قوله ثم دخلت) هو مقول زينب بنت أم سلمة و هو مصرح به في الرواية التي في العدد و ظاهره أن هذه القصة وقعت بعد قصة أم حبيبة و لا يصح ذلك الا أن قلنا بالتعدد و يكون ذلك عقب وفاة يزيد بن أبي سفيان لأن وفاته سنة ثمان عشرة أو تسع عشرة و لا يصح أن يكون ذلك عند وفاة أبيه لأن زينب بنت جحش ماتت قبل أبي سفيان بأكثر من عشر سنين على الصحيح المشهور عند أهل العلم بالأخبار فيحمل على أنها لم ترد ترتيب الوقائع و إنما أرادت ترتيب الأخبار و قد وقع في رواية أبي داود بلفظ و دخلت و ذلك لا يقتضي الترتيب و الله أعلم (قوله حين توفي أخوها) لم أتحقق من المراد به لأن لزينب ثلاثة إخوة عبد الله و عبد بغير إضافة و عبيد الله بالتصغير فأما الكبير فاستشهد بأحد و كانت زينب إذ ذاك صغيرة جدا لأن أباها أبا سلمة مات بعد بدر و تزوج النبي صلى الله عليه و سلم أمها أم سلمة و هي صغيرة ترضع كما سيأتي في الرضاع أن أمها حلت من عدتها من أبي سلمة بوضع زينب هذه فانتفى أن يكون هو المراد هنا و أن كان وقع في كثير من الموطآت بلفظ حين توفي أخوها عبد الله كما أخرجه الدارقطني من طريق ابن وهب و غيره عن مالك و أما عبد بغير إضافة فيعرف بأبي حميد و كان شاعرا أعمى و عاش إلى خلافة عمر و قد جزم ابن إسحاق و غيره من أهل العلم بالأخبار بأنه مات بعد أخته زينب بسنة و روى ابن سعد في ترجمتها في الطبقات من وجهين أن أبا حميد المذكور حضر جنازة زينب مع عمر و حكى عنه مراجعة له بسببها و أن كان في اسنادهما الواقدي لكن يستشهد به في مثل هذا فانتفى أن يكون هذا الأخير المراد و أما عبيد الله المصغر فأسلم قديما و هاجر بزوجته أم حبيبة بنت أبي سفيان إلى الحبشة ثم تنصر هناك و مات فتزوج النبي صلى الله عليه و سلم بعده أم حبيبة فهذا يحتمل أن يكون هو المراد لأن زينب بنت أبي سلمة عندما جاء الخبر بوفاة عبيد الله كانت في سن من يضبط و لا مانع أن يحزن المرء على قريبه الكافر و لا سيما إذا تذكر سوء مصيره و لعل الرواية التي في الموطأ حين توفي أخوها عبد الله كانت عبيد الله بالتصغير فلم يضبطها الكاتب و الله أعلم و يعكر على هذا قول من قال أن عبيد الله مات بأرض الحبشة فتزوج النبي صلى الله عليه و سلم أم حبيبة فإن ظاهرها أن تزوجها كان بعد موت عبيد الله و تزويجها وقع و هي بأرض الحبشة و قبل أن تسمع النهي و أيضا ففي السياق ثم دخلت على زينب بعد قولها دخلت على أم حبيبة و هو ظاهر في أن ذلك كان بعد موت قريب زينب بنت جحش المذكور و هو بعد مجئ أم حبيبة من الحبشة بمدة طويلة فإن لم يكن هذا الظن هو الواقع احتمل أن يكون أخا لزينب بنت جحش من أمها أو من الرضاعة أو يرجح ما حكاه ابن عبد البر و غيره من أن زينب بنت أبي سلمة ولدت بأرض الحبشة فإن مقتضى ذلك أن يكون لها عند وفاة عبد الله بن جحش أربع سنين و ما مثلها يضبط في مثلها و الله أعلم (قوله فمست به) أي شيئا من جسدها و سيأتي في الطريق التي في العدد بلفظ فمست منه و سيأتي فيه لزينب
(١١٧)