على أن لا يقولوا في أحد من آحاد المسلمين إلا أحسن ما يكون من القول فأي وجه لتخصيصه عليه السلام ذلك بالشيخين من بين جميع المسلمين ثم من بين جميع الأصحاب ثم من بين الخلفاء الأربعة لولا قيام تهمة في شأنهم وعروض خوف وتقية لهم من نسبتهم إلى القدح في الشيخين والوقوع فيهما،. على أنا نقول: لا ريب في أن أحسن القول في شأن الشيخين ما استحقاه من المطاعن المتواترة المتداولة على السنة الشيعة وغيرهم كما أن أحسن القول في حق الشيطان لعنه والاستعاذة منه فالرواية المذكورة لنا لا علينا.
وأما ما رواه عن مولانا الصادق عليه السلام أيضا من التعبير عن أبي بكر بالصديق والمبالغة فيه فمدخول بأن الرجل السائل عنه عليه السلام إن كان من أهل السنة فوجه التقية ظاهر وإن كان من الشيعة فالظاهر أنه قد حضر هناك غيره من المخالفين أو عرف عليه السلام من حاله أنه إذا سمع فساد حال أبي بكر من لسانه عليه السلام لا يطيق السكوت بعد ذلك فيطعن فيه فيقع في الضرر فشدد عليه السلام عليه صونا له عن الوقوع في التهلكة وهذا كما روي أن مولانا الكاظم عليه السلام كتب بعض الأيام إلى علي بن يقطين رحمه الله من خلص شيعته وكان من وزراء هارون العباسي " أن اغسل الرجلين في الوضوء بدل المسح " وشدد عليه في ذلك فجرى علي رحمه الله على ذلك أياما بمجرد امتثال أمره عليه السلام مع علمه بأن وجوب غسل الرجلين من أصول مذهب أهل البيت عليهم السلام وقد اتفق في أثناء ذلك سعاية بعضهم له رحمه الله إلى هارون بنسبة إلى كونه من خلص شيعة الكاظم عليه السلام ومن المتدينين بدين الإمامية فأمر هارون بإحضاره ذات يوم وأشغله امتحانا له في بعض بيوت دار الخلافة بأمر من الأمور طول اليوم وكان ينظر إليه من كوة ذلك البيت سرا حتى رآه أنه توضأ عند دخول وقت صلاة الظهر وغسل رجليه فاعتذر إليه وأكرمه وأساء إلى من سعى فيه ولما انقضى هذا الامتحان أرسل عليه السلام إليه