منهم بل يصبر على أذاهم ويتوقف عن محاربتهم تقية كما مر فظهر أن كل ما تكلم به عبد الله رضي الله عنه إنما كان كلمات مجملة مبهمة ناشئة عن الخوف والتقية ولا دلالة لشئ منها على ما قصده الخصم دلالة صريحة كما زعمه الجاهل. وأما ما رواه عن النفس الزكية فبعد تسليم تزكية من بعده من رجاله لا يرحمهم الله ولا يزكيهم وجه أعمال التقية فيه ظاهر لأن قوله " لهما " كما يحتمل أن يكون اللام فيه لام التأكيد على ما اغتر به الراوي يحتمل أن يكون لام الجر بأن يكون المعنى أن لأبي بكر وعمر عندي من هو أفضل من علي عليه السلام ويكون المراد بالأفضل نبينا صلى الله عليه وآله ووجه تخصيصهما باعتقاد وجود من هو أفضل من علي عليه السلام هو دلالة آية المباهلة على المساواة بين النبي صلى الله عليه وآله وبينه عليه السلام كما صرح به المحقق الطوسي رحمه الله في التجريد وحاصله أن الله تعالى قال في آية المباهلة حكاية عن النبي صلى الله عليه وآله " وأنفسنا وأنفسكم " وأجمع المفسرون على أن المراد بالنفس ههنا علي عليه السلام والاتحاد محال فلم يبق إلا المساواة في الصفات الفاضلة النفسية فيكون مساويا له في الفضل. لا يقال: كيف يتحقق المساواة في جميع صفات النفس ومنها النبوة التي لم تحصل لعلي عليه السلام، فيجوز أن يكون النبي المتصف بهذه الصفة الكاملة العالية أعني النبوة أعظم منزلة عند الله تعالى من غير المتصف بها لأنا نقول: إن أراد بالنبوة بعث إنسان على الوجه المخصوص فظاهر أن ذلك ليس من صفات النفس وإن أراد به الصفة الكاملة النفسية التي ينبعث منه البعث المذكور فلا يمتنع أن يكون تلك الصفة حاصلة لعلي عليه السلام غاية الأمر أن خصوصية خاتمية نبينا صلى الله عليه وآله منعت عن بعثه على الوجه المخصوص كما روى الجمهور من أن النبي صلى الله عليه وآله قال في شأن عمر " لو كان بعدي نبي لكان عمر " وبالجملة أنه عليه السلام كان مستجمعا للصفات الصالحة لترتب النبوة عليها
(٢٣٨)