بيده دما وقد شهد مع رسول الله صلى الله عليه وآله مشاهده وكان لكل واحد من الصحابة أثر في الجهاد إلا له وفر في المشاهد الثلاثة كما ذكرنا سابقا وأسلم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فيها مع ما كتب الله عليه من الجهاد فكيف يجتمع دلائل الجبن ودلائل الشجاعة لرجل واحد في وقت واحد لولا أن العصبية تميل بالعبد إلى الهوى على أن الإنسان قد يغضب فيقول لو شاء مني هذا السلطان هذا الأمر ما قبلته وأن في جوارنا لشيخا ضعيف الجسم ظاهر الجبن يصلي بنا في مسجدنا فما يحدث أمر يضجره وينكره إلا قال والله لأصيرن إلى هذا ولأجاهدن فيه ولو اجتمعت على فيه عساكر وجه الأرض بل أقول الظاهر أن أبا بكر قال هذا القول عند غضبه بمخالفة القوم خلاف بين ذوي العقول أن الغضبان ربما يعتريه عند غضبه من هيجان الطباع ما يفسد عليه رأيه حتى يقدم من القول ما لا يفي به عند سكون نفسه ويعمل من الأعمال ما يندم عليه عند زوال الغضب عنه فلا يكون في وقوع ذلك منه دليل على شجاعته وقد صرح بذلك في خطبته المشهورة عند أصحابه المذكورة سابقا في كتاب هذا الشيخ الجاهل ويجعلونها من مفاخره حيث يقول إن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج من الدنيا وليس أحد من الأمة يطالبه بضربة سوط فما فوقها وكان صلى الله عليه وسلم معصوما من الخطأ تأتيه ملائكة بالوحي فلا تكلفوني ما كنتم تكلفونه فإن لي شيطانا يعتريني عند غضبي، فإذا رأيتموني مغضبا فاجتنبوني على أن مغلوبية من سماهم بأهل الردة عن عساكر أهل المدينة من المهاجرين والأنصار ومن يحق بهما كان أمرا ظاهرا لا يحتاج إلى زيادة تكلف من رئيسهم ومع هذا لم يقسم أبو بكر بالله تعالى أن يقاتل أهل الردة بنفسه وإنما أقسم بأن يقاتلهم بإنفاذ جيش من المهاجرين والأنصار ولهذا انفذ إليهم خالدا مع جماعة من الفريقين وليس في يمينه بالله سبحانه
(١٢٣)