يقصد بها نفع نفسه بالتشفي من عدوه فافترقا. فإن قيل: لم قبلتم شهادة المسلمين على الكفار مع العداوة؟ قال ابن رسلان قلنا: العداوة ههنا دينية والدين لا يقتضي شهادة الزور بخلاف العداوة الدنيوية. قال: وهذا مذهب الشافعي ومالك وأحمد والجمهور. وقال أبو حنيفة: لا تمنع العداوة الشهادة لأنها لا تخل بالعدالة فلا تمنع الشهادة كالصداقة اه. وإلى الأول ذهبت الهادوية، وإلى الثاني ذهب المؤيد بالله أيضا، والحق عدم قبول شهادة العدو على عدوه لقيام الدليل على ذلك، والأدلة لا تعارض بمحض الآراء، وليس للقائل بالقبول دليل مقبول. قال في البحر مسألة: العداوة لأجل الدين لا تمنع كالعدلي على القدري والعكس ولأجل الدنيا تمنع. قوله: ولا تجوز شهادة القانع لأهل البيت هو الخادم المنقطع إلى الخدمة، فلا تقبل شهادته للتهمة بجلب النفع إلى نفسه وذلك كالأجير الخاص. وقد ذهب إلى عدم قبول شهادته للمؤجر له الهادي والقاسم والناصر والشافعي قالوا: لأن منافعه قد صارت مستغرقة فأشبه العبد. وقد حكى في البحر الاجماع على عدم قبول شهادة العبد لسيده. قوله: ولا زان ولا زانية المانع من قبول شهادتهما الفسق الصريح. وقد حكي في البحر الاجماع على أنها لا تصح الشهادة من فاسق لصريح قوله تعالى: * (وأشهدوا ذوي عدل) * (الطلاق: 2) وقوله: * (إن جاءكم فاسق) * (الحجرات: 6) اه. واختلف في شهادة الولد لوالده والعكس، فمنع من ذلك الحسن البصري والشعبي وزيد بن علي والمؤيد بالله والامام يحيى والثوري ومالك والشافعية والحنفية وعللوا بالتهمة فكان كالقانع. وقال عمر ابن الخطاب وشريح وعمر بن عبد العزيز والعترة وأبو ثور وابن المنذر والشافعي في قول له إنها تقبل لعموم قوله تعالى: * (ذوي عدل) * وهكذا وقع الخلاف في شهادة أحد الزوجين للآخر لتلك العلة، ولا ريب أن القرابة والزوجية مظنة للتهمة لأن الغالب فيهما المحاباة. وحديث ولا ظنين المتقدم يمنع من قبول شهادة المتهم، فمن كان معروفا من القرابة ونحوهم بمتانة الدين البالغة إلى حد لا يؤثر معها محبة القرابة فقد زالت حينئذ مظنة التهمة، ومن لم يكن كذلك فالواجب عدم القبول لشهادته لأنه مظنة للتهمة. قوله: لا تجوز شهادة بدوي على صاحب قرية البدوي هو الذي يسكن البادية في المضارب والخيام ولا يقيم في موضع خاص بل يرتحل من مكان إلى مكان . وصاحب القرية هو الذي يسكن القرى وهي المصر الجامع. قال في النهاية: إنما كره شهادة البدوي لما فيه من الجفاء في الدين والجهالة بأحكام الشرع، ولأنهم في الغالب
(٢٠٣)