التداوي بها كما يحرم شربها، وكذلك سائر الأمور النجسة أو المحرمة، وإليه ذهب الجمهور. قوله: ولا تتداووا بحرام أي لا يجوز التداوي بما حرمه الله من النجاسات وغيرها مما حرمه الله ولو لم يكن نجسا. قال ابن رسلان في شرح السنن: والصحيح من مذهبنا يعني الشافعية جواز التداوي بجميع النجاسات سوى المسكر لحديث العرنيين في الصحيحين حيث أمرهم صلى الله عليه وآله وسلم بالشرب من أبوال الإبل للتداوي. قال: (وحديث الباب) محمول على عدم الحاجة بأن يكون هناك دواء غيره يغني عنه ويقوم مقامه من الطاهرات. قال البيهقي: هذان الحديثان إن صحا محمولان على النهي عن التداوي بالمسكر والتداوي بالحرام من غير ضرورة ليجمع بينهما وبين حديث العرنيين انتهى. ولا يخفى ما في هذا الجمع من التعسف، فإن أبوال الإبل الخصم يمنع اتصافها بكونها حراما أو نجسا، وعلى فرض التسليم فالواجب الجمع بين العام وهو تحريم التداوي بالحرام وبين الخاص وهو الاذن بالتداوي بأبوال الإبل بأن يقال: يحرم التداوي بكل حرام إلا أبوال الإبل، هذا هو القانون الأصولي. قوله: عن الدواء الخبيث ظاهره تحريم التداوي بكل خبيث والتفسير بالسم مدرج لا حجة فيه، ولا ريب أن الحرام والنجس خبيثان قال الماوردي وغيره: السموم على أربعة أضرب منها ما يقتل كثيره وقليله، فأكله حرام للتداوي ولغيره لقوله تعالى: * (ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة) * (آل عمران: 75) ومنها ما يقتل كثيره دون قليله، فأكل كثيره الذي يقتل حرام للتداوي وغيره، والقليل منه إن كان مما ينفع في التداوي جاز أكله تداويا، ومنها ما يقتل في الأغلب وقد يجوز أن لا يقتل فحكمه كما قبله، ومنها ما لا يقتل في الأغلب وقد يجوز أن يقتل، فذكر الشافعي في موضع إباحة أكله وفي موضع تحريم أكله، فجعله بعض أصحابه على حالين، فحيث أباح أكله فهو إذا كان للتداوي، وحيث حرم أكله فهو إذا كان غير منتفع به في التداوي.
باب ما جاء في الكي عن جابر قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى أبي بن كعب