في أول طعامه فليقل حين يذكر: بسم الله أوله وآخره فإنه يستقبل طعاما جديدا ويمنع الخبيث مما كان يصيب منه. وفي الباب أيضا عن عمر بن أبي سلمة وسيأتي. وفي هذه الأحاديث دليل على مشروعية التسمية للاكل، وأن الناسي يقول في أثنائه بسم الله على أوله وآخره، وكذا التارك للتسمية عمدا يشرع له التدارك في أثنائه. قال في الهدي: والصحيح وجوب التسمية عند الاكل، وهو أحد الوجهين لأصحاب أحمد، وأحاديث الامر بها صحيحة صريحة لا معارض لها ولا إجماع يسوغ مخالفتها ويخرجها عن ظاهرها، وتاركها يشركه الشيطان في طعامه وشرابه اه. والذي عليه الجمهور من السلف والخلف من المحدثين وغيرهم أن أكل الشيطان محمول على ظاهره، وأن للشيطان يدين ورجلين، وفيهم ذكر وأنثى، وأنه يأكل حقيقة بيده إذا لم يدفع، وقيل إن أكلهم على المجاز والاستعارة، وقيل إن أكلهم شم واسترواح، ولا ملجئ إلى شئ من ذلك. وقد ثبت في الصحيح كما سيأتي أن الشيطان يأكل بشماله ويشرب بشماله وروي عن وهب بن منبه أنه قال: الشياطين أجناس فخالص الجن لا يأكلون ولا يشربون ولا يتناكحون وهم ريح، ومنهم جنس يفعلون ذلك كله ويتوالدون وهم السعالى والغيلان ونحوهم.
وعن ابن عمر: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: لا يأكل أحدكم بشماله ولا يشرب بشماله فإن الشيطان يأكل بشماله ويشرب بشماله رواه أحمد ومسلم وأبو داود والترمذي وصححه. وعن ابن عباس: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: البركة تنزل في وسط الطعام فكلوا من حافتيه ولا تأكلوا من وسطه رواه أحمد وابن ماجة والترمذي وصححه. وعن عمر أن أبا سلمة قال: كنت غلاما في حجر النبي صلى الله عليه وآله وسلم وكانت يدي تطيش في الصحفة فقال لي: يا غلام سم الله وكل بيمينك وكل مما يليك متفق عليه. وعن أبي جحيفة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: أما أنا فلا آكل متكئا رواه الجماعة إلا مسلما والنسائي.
قوله: لا يأكل أحدكم بشماله فيه النهي عن الأكل والشرب بالشمال، والنهي حقيقة في التحريم كما تقرر في الأصول، ولا يكون لمجرد الكراهة فقط إلا مجازا مع قيام صارف. قال النووي: وهذا إذا لم يكن عذر، فإن كان عذر بمنع الاكل أو الشرب باليمين من مرض أو جراحة أو غير ذلك فلا كراهة في الشمال. قوله: فإن