فأومأ إليه أن تواضع، فقال بل عبدا نبيا، قال فما أكل متكئا اه. قال الحافظ: وهذا مرسل أو معضل. وقد وصله النسائي من طريق الزبيدي عن الزهري عن محمد بن عبد الله بن عباس قال: كان ابن عباس يحدث فذكر نحوه. وأخرج أبو داود من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص قال: ما رئي النبي صلى الله عليه وآله وسلم يأكل متكئا قط. وأخرج ابن أبي شيبة عن مجاهد قال: ما أكل النبي صلى الله عليه وآله وسلم متكئا إلا مرة ثم نزع فقال: اللهم إني عبدك ورسولك وهذا مرسل ويمكن الجمع بأن تلك المرة التي في أثر مجاهد ما اطلع عليها عبد الله بن عمرو. وقد أخرج ابن شاهين في ناسخه من مرسل عطاء بن يسار أن جبريل رأى النبي صلى الله عليه وآله وسلم يأكل متكئا فنهاه. ومن حديث أنس أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لما نهاه جبريل عن الاكل متكئا لم يأكل متكئا بعد ذلك واختلف في صفة الاتكاء فقيل: إن يتمكن في الجلوس للاكل على أي صفة كان، وقيل أن يميل على أحد شقيه، وقيل إن يعتمد على يده اليسرى من الأرض. قال الخطابي: يحسب العامة أن المتكئ هو الآكل على أحد شقيه وليس كذلك بل هو المعتمد على الوطاء عند الاكل لأنه صلى الله عليه وآله وسلم قال: إني أذم فعل من يستكثر من الطعام فإني لا آكل إلا البلغة من الزاد فلذلك أقعد مستوفزا. وفي حديث أنس: أنه صلى الله عليه وآله وسلم أكل تمرا وهو مقع والمراد الجلوس على وركيه غير متمكن. وأخرج ابن عدي بسند ضعيف: زجر النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن يعتمد الرجل على يده اليسرى عند الاكل قال مالك: هو نوع من الاتكاء. قال الحافظ: وفي هذا إشارة من مالك إلى كراهة ما يعد الآكل فيه متكئا ولا يختص بصفة بعينها. وجزم ابن الجوزي في تفسير الاتكاء بأنه الميل على أحد الشقين، ولم يلتفت لانكار الخطابي ذلك، وحكى ابن الأثير في النهاية أن من فسر الاتكاء بالميل على أحد الشقين تأوله على مذهب الطب بأنه لا ينحدر في مجاري الطعام سهلا ولا يسيغه هنيئا. واختلف السلف في حكم الآكل متكئا فزعم ابن القاص أن ذلك من الخصائص النبوية، وتعقبه البيهقي فقال: يكره لغيره أيضا لأنه من فعل المتعظمين وأصله مأخوذ من ملوك العجم قال: فإن كان بالمرء مانع لا يتمكن معه الاكل إلا متكئا لم يكن في ذلك كراهة، ثم ساق عن جماعة من السلف أنهم أكلوا كذلك، وأشار إلى حمل ذلك عنهم على
(٤٤)