بمعنى أروى. قال ابن رسلان في شرح السنن: وفي هذا الحديث إشارة إلى ما يدعى للشارب به عقب الشراب، فيقال له عقب الشرب هنيئا مريئا وأما قولهم في الدعاء للشارب صحة بكسر الصاد فلم أجد له أصلا في السنة مسطورا بل نقل لي بعض طلبة الدمشقيين عن بعض مشايخه أنه صلى الله عليه وآله وسلم قال للتي شربت دمه أو بوله صحة فإن ثبت هذا فلا كلام انتهى. قوله: فلا يتنفس في الاناء النهي عن التنفس في الذي يشرب منه لئلا يخرج من الفم بزاق يستقذره من شرب بعده منه أو تحصل فيه رائحة كريهة تتعلق بالماء أو بالإناء، وعلى هذا فإذا لم يتنفس في الاناء فليشرب في نفس واحد، قاله عمر بن عبد العزيز، وأجازه جماعة منهم ابن المسيب وعطاء بن أبي رباح ومالك بن أنس، وكره ذلك جماعة منهم ابن عباس ورواية عكرمة وطاوس وقالوا: هو شرب الشيطان. والقول الأول أظهر لقوله في حديث الباب للذي قال له: إنه لا يروى من نفس واحد: أبن القدح عن فيك وظاهره أنه أباح له الشرب في نفس واحد إذا كان يروى منه، وكما لا يتنفس في الاناء لا يتجشأ فيه بل ينحيه عن فيه مع الحمد لله ويرده إلى فيه مع التسمية، فيتنفس ثلاثا يحمد الله في آخر كل نفس ويسمي الله في أوله. قوله: أو ينفخ فيه أي في الاناء الذي يشرب منه، والاناء يشمل إناء الطعام والشراب، فلا ينفخ في الاناء ليذهب ما في الماء من قذاة ونحوها، فإنه لا يخلو النفخ غالبا من بزاق يستقذر منه، وكذا لا ينفخ في الاناء لتبريد الطعام الحار بل يصبر إلى أن يبرد كما تقدم ولا يأكله حارا، فإن البركة تذهب منه وهو شراب أهل النار.
وعن أبي سعيد: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم نهى عن الشرب قائما رواه أحمد ومسلم. وعن قتادة عن أنس: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم زجر عن الشرب قائما، قال قتادة: فقلنا فالاكل؟ قال: ذاك شر وأخبث رواه أحمد ومسلم والترمذي. وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:
لا يشربن أحد منكم قائما فمن نسي فليستقئ رواه مسلم. وعن ابن عباس قال : شرب النبي صلى الله عليه وآله وسلم قائما من زمزم متفق عليه. وعن الإمام علي رضي الله عنه: أنه في رحبة الكوفة شرب وهو قائم قال: إن ناسا يكرهون الشرب قائما، وإن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم صنع مثل ما صنعت رواه أحمد والبخاري. وعن ابن عمر قال: كنا نأكل على عهد رسول الله صلى الله عليه